الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذا الأثر رواه ابن أبي الدنيا في هواتف الجنان، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول قال: قال حدثنا عبيد بن إسحاق العطار الكوفي قال: حدثنا عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهم ـ قال: حدثني زيد بن أسلم عن أبيه قال: بينما عمر ـ رضي الله عنه ـ يعرض الناس إذا هو برجل معه ابنه فقال له عمر ويحك حدثني ما رأيت غراباً بغراب أشبه بهذا منك قال: أما والله يا أمير المؤمنين ما ولدته أمه إلا ميتة، فاستوى له عمر ـ رضي الله عنه ـ فقال ويحك حدثني، قال: خرجت في غزاة وأمه حامل به فقالت تخرج وتدعني على هذا الحال حاملاً مثقلاً قلت أستودع الله ما في بطنك، قال: فغبت ثم قدمت فإذا بابي مغلق قلت فلانة قالوا ماتت فذهبت إلى قبرها أبكي فلما كان من الليل قعدت مع بني عمي أتحدث وليس يسترنا من البقيع شيء فرفعت لي نار بين القبور فقلت لبني عمي ما هذه النار فتفرقوا عني فأتيت أقربهم مني فسألته فقال نرى على قبر فلانة كل ليلة ناراً فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون، أما والله إن كانت لصوامة قوامة عفيفة مسلمة انطلق بنا فأخذت فأساً فإذا القبر منفرج وهي جالسة وهذا يدب حولها وناداني مناد من السماء أيها المستودع ربه وديعته خذ وديعتك أما لو استودعت أمه لوجدتها فأخذته وعاد القبر كما كان فهو والله هذا يا أمير المؤمنين.
قال عبيد: فحدثت بهذا الحديث محمد بن إبراهيم العمري فقال: هذا والله الحق وقد سمعت عم أبي عاصم يذكره وقال: ورأيت ابن ابن هذا الرجل بالكوفة وقال لي موالينا هو هذا. انتهى.
وهذا سند رجاله ثقات غير عبيد بن إسحاق وقد صرح الرواة كلهم بالتحديث، وأما عبيد بن إسحاق فهو منكر الحديث كما قال البخاري في التاريخ الصغير والضعفاء.
وقال أبو حاتم في حديثه بعض الإنكار كذا في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم.
ونقل ابن حجر في اللسان تضعيفه عن جمع من المحدثين.
وقد أعل الأثر أبو حاتم بانفراد عبيد به ووثق عاصماً وزيداً كما في العلل لابن أبي حاتم أن أباه قال: هذا الحديث الذي أنكروا على عبيد لا أعلم رواه غير عبيد وعاصم ثقة وزيد بن أسلم ثقة. انتهى.
ولكن عبيداً لم يتفرد به، بل تابعه عثمان بن زفر كما قال ابن أبي الدنيا: قال محمد بن الحسين: سألت عثمان بن زفر عن هذا الحديث فقال: سمعته من عاصم بن محمد. انتهى.
وعثمان بن زفر ذكره ابن حبان في الثقات وذكره البخاري في التاريخ ولم يجرحه، وقال فيه ابن حجر في تقريب التهذيب صدوق من كبار العاشرة.
والله أعلم.