الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنقول ابتداء إن كثيراً من حيثيات السؤال غير واضحة المعنى نظراً لكثرة الأخطاء الإملائية، والتركات والوصايا أمور خطيرة وشائكة للغاية، فلا بد من رفعها للمحاكم الشرعية، أو ما ينوب منابها، للنظر والتحقيق والتدقيق والبحث في الأمور الخفية العالقة بالقضية، وإيصال الحقوق لذويها، ولا يمكن الاكتفاء في مثل هذه الأمور بمجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه.
ولذا فإننا سنكتفي ببيان أصول الموضوع تقريباً للفهم، فنقول:
أولاً: كل الوصايا التي أوصى بها لوارث من ورثته -كوصيته لزوجته وابنته وابنه- هي وصايا ليست نافذة لأنها وصية لوارث وهي ممنوعة شرعاً ولا تمضي إلا إذا رضي بقية الورثة بإمضائها. وانظر الفتوى رقم: 121878 عن الوصية للوارث.
ثانياً: ما كتبه باسم أحد ورثته ولم يسلمه إياه حتى مات يأخذ حكم الوصية للوارث فيرد إلى التركة إذا لم يرض بقية الورثة بتلك الوصية.
ثالثاً: إذا كان الورثة محصورين في من ذكر ولم يترك الميت وارثاً غيرهم فإن لزوجته الثمن فرضاً لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى: فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:12}، ولأبيه السدس فرضاً لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى: .. وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ.. {النساء:11}، والباقي للأبناء والبنات تعصيباً للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ... {النساء:11}، ولا شيء للإخوة والأخوات لأنهم لا يرثون مع وجود الأب أو الابن، فتقسم التركة على مائتين وأربعين سهماً، للأب سدسها أربعون سهماً، وللزوجة ثمنها ثلاثون سهماً، ولكل ابن أربعة وثلاثون سهماً، ولكل بنت سبعة عشر سهماً.
رابعاً: يجوز لزوجة الأب أن تسكن مع ربيبها في بيت واحد لأنه محرم لها، وانظري الفتوى رقم: 9441 عن المحرمات من النساء في الكتاب والسنة.
خامساً: ليس للزوج أن يختص بمستلزمات زوجته الميتة فيكتبها باسم زوجته الثانية أو يهبها لها، بل بعد وفاة الزوجة صارت تلك المستلزمات تركة لجميع ورثتها وهومن جملتهم.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.