الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا لم يترك الميت من الورثة إلا من ذكر، فإن لزوجته الثمن ـ فرضا ـ لوجود الفرع الوارث, قال الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ { النساء: 12 }.
والباقي للأبناء والبنات ـ تعصيبا ـ للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ { النساء : 11 }.
فتقسم التركة على مائة وأربعة أسهم, للزوجة ثمنها ـ ثلاثة عشر سهما ـ ولكل ابن أربعة عشر سهما, ولكل بنت سبعة أسهم.
وأما ما ذكره السائل فيما يتعلق بالوصية وما ذكر معها: فإن الوصية ببعض العقارات للابن والبنت تعتبر وصية لوارث، وهي غير لازمة إلا إذا رضي الورثة بإمضائها, وإذا لم يرضوا بإمضائها ردت تلك العقارات الموصى بها إلى التركة ويقتسمها الورثة بينهم القسمة الشرعية, وكل الورثة لهم حق في التركة ـ الذكر والأنثى المتزوج منهم وغير المتزوج, البالغ الرشيد والصغير القاصر ـ ويرثون كل ما خلفه الوالد وكان ملكا له في حياته من العقارات والسيارات الكبيرة والصغيرة والنقود وسائر ما تركه مورثهم.
كما أن العقار الذي حوله قضية في المحكمة فإن قضت المحكمة بملكه، أو بعضه للميت فإنه يصير تركة للورثة أيضا ويقسمونه بينهم القسمة الشرعية.
وأما المال الذي دفعه لك والدك: فإن كان دينا فهو بعد وفاته يرد إلى التركة, وقولك إنك رددته إلى المحل التجاري ـ على ما فهمناه من كلامك ـ فإنه يحتاج إلى بينة، أو تصديق من الورثة، فإن أقمت بينة، أو صدقك الورثة بأنك رددته فذاك وإلا فالواجب عليك أن ترده، لأن الأصل بقاؤه في ذمتك, ودعواك الرد تحتاج إلى بينة.
وأما الأبناء الذين خسروا في التجارة: فإن كنت تعني أنهم تاجروا في التركة قبل قسمتها وخسروا فلم يبين لنا السائل ما نوع التجارة والعقد الذي مارسوه وهل تاجروا بالتركة عن رضى وإذن من سائر الورثة وعن غير تفريط منهم أم بغير رضى الورثة، أو بتفريط، وكل هذه الاحتمالات لها حكم خاص ويطول الجواب بذكرها جميعا فإن كان السائل حريصا على معرفة الحكم الشرعي فليذكر لنا المسألة بشيء من التفصيل.
وأخيرا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، أو مشافهة أهل العلم بها إذا لم توجد محكمة شرعية، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا، أو ديون، أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي ـ إذاًـ قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية ـ إذا كانت موجودة ـ تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.