الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أولا أن من شروط صحة الإجارة أن تكون الأجرة معلومة.
جاء في الروض المربع مع حاشيته لابن قاسم: الشرط الثاني أي من شروط صحة الإجارة معرفة الأجرة بما تحصل به معرفة الثمن أي قياسًا عليه، قال الموفق: لا نعلم فيه خلافًا. لأنه عوض في عقد معاوضة فوجب أن يكون معلومًا برؤية أو صفة، كالثمن. انتهى.
فإذا فقد هذا الشرط كانت الإجارة فاسدة وتستحق أجرة المثل على العمل الذي قمت به.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله: وإذا فسدت الإجارة فإنه لا يترتب عليها ما جاء في العقد، بل يثبت فيها أجرة المثل. انتهى.
وبه يتبين لك أن الدين الذي استقر لك في ذمة المستأجر لك هو أجرة المثل، فالواجب عليك أن تحسب هذه الأجرة التي وجبت لك ثم تزكيها من حين بلغت نصابا ولو بضمها إلى ما تملكه من نقود أو عروض.
فإن كنتما اتفقتما على أجرة المثل فالأمر واضح فإنك تزكي في هذه الحال جميع ما قبضته من وقت بلوغه النصاب.
وأما إن كنتما اتفقتما على أكثر من أجرة المثل فالزائد لا تلزمك زكاته لأنه تبرع من المستأجر فتستقبل به حولا جديدا.
وأما إن اتفقتما على أقل من أجرة المثل وامتنع عن توفيتك حقك فلا زكاة عليك إلا فيما قبضته، وما لم تقبضه فحكمه حكم الدين على جاحد أو معسر أو مماطل، فإن قبضته زكيته لما مضى من السنين على الراجح، وتجب عليك زكاة تلك الأجرة لما مضى من السنين، فإن الراجح عندنا في زكاة الدين أن صاحبه تجب عليه زكاته كل سنة، وأنه إن شاء أخر زكاته حتى يقبضه فيزكيه لما مضى من السنين، وانظر الفتوى رقم: 119194، ولمعرفة كيفية حساب زكاة السنين الماضية انظر الفتوى رقم: 121528، واعلم أن هذه الأجرة التي ثبتت لك في ذمة المستأجر قد ثبتت لك شيئا فشيئا، فحكمها حكم المال المستفاد من غير نماء الأصل، فيجب عليك زكاة كل قسط منها عند حولان حوله، فتحسب الأعوام التي مرت على كل قسط من هذه الأجرة فتزكيه للسنين الماضية، وإن أردت الاحتياط والرفق بنفسك فزكيت جميع هذه الأجرة لجميع السنين الماضية عند حولان الحول على أول نصاب كنت مؤديا الواجب وزيادة، وكانت تلك الزيادة صدقة لك لا يذهب ثوابها إن شاء الله.
ثم من حين اتفقتم على الأجرة فإنه يجب عليك زكاة تلك الأجرة إذا بلغت نصابا ولو بضمه إلى ما معك من نقود أو عروض.
والواجب عليك زكاة كل قسط منها عند حولان حوله، وإن أردت الاحتياط فزكيت الجميع عند حولان حول الأصل جاز ذلك وكنت معجلا لزكاة بعض المال وذلك لا حرج فيه عند الجمهور، ولبيان كيفية زكاة المال المستفاد انظر الفتوى رقم: 136553.وما أحيل عليه فيها.
وأما ما عليك من ديون ففي خصمها من المال الذي تملكه خلاف بين العلماء، وانظر لتفصيله الفتوى رقم: 124533وما أحيل عليه فيها، والأحوط والأبرأ للذمة أن تزكي جميع ما بيدك إن كان نصابا ولا تخصم شيئا مما عليك من الدين.
والله أعلم.