الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أخطأت خطأ عظيما وفرطت بغيبتك أباك وانتهاكك حرمته تفريطا بالغا، فإن الغيبة محرمة ولا شك أنها أشد في حق الوالد الذي من شأنه أن يوقر ويبر، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم مبينا عظيم حق الوالد: لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه. رواه مسلم وغيره.
أما وقد توفى الله والدك ولم يبق سبيل لتتحللي منه من تلك المظلمة فعليك أن تتوبي توبة نصوحا مستجمعة لشروطها من الندم والعزم على عدم العودة إلى هذا الذنب مرة أخرى، واجتهدي في الاستغفار لأبيك والدعاء له وذكره بخير حيث ذكرته بسوء، فإننا نرجو أن يكون ذلك كفارة لك إن شاء الله، وبعض أهل العلم يرون أن كفارة الغيبة أن يستغفر الإنسان لمن اغتابه ولو كان حيا درأ المفسدة إفساد قلبه إن تحلله، وأما بعد موته فلا يسعك غير هذا والله يغفر لك، ولو تصدقت عن أبيك أو تقربت عنه بأي قربة من القرب فإنه ينتفع بذلك ويرجى أن يكون ذلك من برك به بعد موته الذي تتداركين به بعض ما فاتك من بره في حياته، وأما إخوتك فذكريهم بالله تبارك وتعالى وأعلميهم أنك قد تبت إلى ربك تبارك وتعالى وأنه تعالى يقبل التوبة عن عباده وأنه لا يجوز تعيير المسلم بذنب قد تاب إلى الله منه، وإذا صدقت توبتك وفعلت ما تقدرين عليه مما ذكرناه فإنه لا يضرك تعييرهم لك، وإنما يكون ذلك تبعة عليهم.
والله أعلم.