الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن أرواح الموتى هل تجتمع بعضها ببعض أم لا؟ وروح الميت هل تنزل في القبر أم لا؟ ويعرف الميت من يزوره أم لا؟ فأجاب: الحمد لله: أرواح الأحياء إذا قبضت تجتمع بأرواح الموتى ويسأل الموتى القادم عليهم عن حال الأحياء فيقولون: ما فعل فلان؟ فيقولون: فلان تزوج، فلان على حال حسنة، ويقولون: ما فعل فلان؟ فيقول: ألم يأتكم؟ فيقولون: لا، ذهب به إلى أمه الهاوية، وأما أرواح الموتى فتجتمع، الأعلى ينزل إلى الأدنى، والأدنى لا يصعد إلى الأعلى، والروح تشرف على القبر وتعاد إلى اللحد أحياناً، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من رجل يمر بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام ـ والميت قد يعرف من يزوره، ولهذا كانت السنة أن يقال: السلام عليكم أهل دار قوم المؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين. انتهى.
وقد سبق لنا مزيد بيان عن هذا في الفتاوى التالية أرقامها: 146577، 14368، 132465، 149125.
وأما كون إعادة الروح للميت تكون بعد عصر كل يوم، فلا دليل عليه في ما نعلم، والغيب يجب الوقوف فيه على الوحي فلا نتعداه، وقد سبق لنا بيان أن الميت تعاد روحه إليه عند السؤال في القبر، فراجع الفتوى رقم: 61681.
وأما تخصيص أيام معينة للزيارة، فقد قال الشيخ ابن باز: لا أصل لذلك، والمشروع أن تزار القبور في أي وقت تيسر للزائر، من ليل أو نهار، أما التخصيص بيوم معين، أو ليلة معينة فبدعة لا أصل له. انتهى.
وفي فتاوى اللجنة الدائمة: لا يجوز تخصيص يوم معين من السنة، لا الجمعة ولا أول يوم من رجب ولا آخر يوم في زيارة المقابر لعدم الدليل على ذلك، وإنما المشروع أن تزار متى تيسر ذلك من غير تخصيص يوم معين للزيارة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة. انتهى.
وقد سبق لنا بيان أن تحديد زيارة المقابر بيوم الاثنين والخميس أمر لم يرد به دليل، فراجع الفتاوى التالية أرقامها: 24019، 8268، 24912.
وأما عن انتفاع الميت بالدعاء عند القبر: فقد سبق لنا بيان أنه يستحب الدعاء للميت بعد وضعه في القبر وسؤال التثبيت له، وأنه لا يلزم لذلك لفظ معين، فراجع الفتويين رقم: 10225، ورقم: 626.
وأما قراءة القرآن عند القبر: فلم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله، أو رغب في فعله، وقد سبق لنا بيان ذلك وبيان أن جمهور العلماء كرهوا قراءة القرآن على القبر، وراجع في تفصيل ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 14865، 33457، 23828، 125414.
والله أعلم.