الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت المسافة بين طرف المكان الذي سافرت منه وطرف المكان الذي أنت ذاهب إليه تبلغ مسافة القصر ـ وهي: 83 كيلوا مترا ـ تقريبا، أو أكثر فلك أن تأخذ برخص السفر من قصر وجمع بعد مجاوزة آخر العمران من مقر إقامتك، ولك أن تختار الأرفق بك بين جمع التقديم والتأخير ويرجع في أولوية جمع التقديم، أو التأخير إلى الحالة التي يدخل فيها الوقت على المسافر وهو متلبس بها من نزول، أو سير، فإذا دخل عليه وقت الصلاة الأولى وهي المغرب مثلا وهو نازل، وأراد الارتحال ففي هذه الحالة يقدم العشاء مع المغرب، وإن دخل وقتها وهو سائر أخر المغرب إلى وقت العشاء وصلاهما جمعا، وهكذا في الظهر، فإن دخل وقت الظهر وهو نازل وأراد الارتحال قدم العصر مع الظهر وصلاهما جمعا، وإن دخل وقتها وهو سائر أخر الظهر إلى وقت العصر هذه هي سنة الجمع، لما في سنن أبي داود عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه-: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر فيصليهما جميعا، وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ثم سار، وكان إذا ارتحل قبل المغرب أخر المغرب حتى يصليها مع العشاء، وإذا ارتحل بعد المغرب عجل العشاء فصلاها مع المغرب. قال الشيخ الألباني صحيح.
أما إذا كانت المسافة أقل من مسافة القصر، أو كانت هذه المسافة داخل المدينة فليس لك الأخذ برخص السفر وانظر الفتوى: 72700.
ثم إذا وصلت المكان الذي أنت مسافر إليه فليس لك القصر ولا الجمع لانقطاع السفر، إلا إذا كنت لا تنوي الإقامة به أربعة أيام فصاعدا غير يومي الدخول والخروج ولم يكن وطنك فإنك في هذه الحال لا تزال مسافرا وانظر الفتوى: 30329.
وإذا سمعت أذان العصر بعد أن جمعتها مع الظهر تقديما فلا تجب عليك الإعادة، لكن تستحب لك الإعادة لتحصيل فضل الجماعة، كما سبق بيانه في الفتوى: 46890
وإن تمكنت من صلاة الجماعة دون أن يؤدي ذلك إلى تخلفك عن الرفقة مثلا، أو إلى حصول مشقة تلحقك فلا ينبغي لك التخلف عن الجماعة خروجا من خلاف من أوجبها في السفر، وإن لم تتمكن من ذلك إلا بحصول مشقة فلست مطالبا بالذهاب إلى المسجد، لأنك مسافر، والمسافر تسقط في حقه الجمعة والجماعة عند جماهير أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني: وإن خاف المسافر فوات رفقته جاز له ترك الجمعة، لأن ذلك من الأعذار المسقطة للجمعة والجماعة وسواء كان في بلده فأراد إنشاء السفر، أو في غيره. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 114287
والله أعلم.