الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن قوله تعالى: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ {الزمر:68}
ذكر فيه عدة أقوال. ومنها: أنهم الشهداء. وقد ذكر الطبري وابن كثير في ذلك حديثا فتكلم في سنده، وقد ذكر المفسرون أن هذه النفخة تقع عند نهاية الدنيا، فينال الفزع من كانوا أحياء حينئذ.
وأما الشهداء فقد خرجوا من الدنيا وهم أحياء عند ربهم لا ينالهم الفزع المذكور، وأما ما يحصل في أرض المحشر فإن الشهداء يدخلون فيه، لأنهم داخلون في عموم من يجمعهم الله في ذلك اليوم من الناس كما دخل فيه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
ففي البخاري: يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ يُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي وَيَنْفُذُهُمُ البَصَرُ وَتَدْنُو الشَّمْسُ فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الغَمِّ وَالكَرْبِ مَا لاَ يُطِيقُونَ ....إلخ، فوقت نفخة الفزع غير وقت جمع الناس، لأن ذلك يحصل بعد بعثهم، وقد نقل ابن حجر في الفتح عن القرطبي أن هذا الغم والكرب يحصل لهم إذا جيء بجهنم، فإذا أزفرت فزع الناس حينئذ.
والله أعلم.