الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن الجلوس في المسجد للعبادة والذكر وانتظار الصلاة فيه خير كثير وفضل عظيم دلت على ذلك نصوص الوحي من القرآن والسنة، قال تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ {النور: 36ـ 38}.
وقال الترمذي: باب ذكر ما يستحب من الجلوس في المسجد وانتظار الصلاة فيه.
وقال ابن خزيمة: باب فضل الجلوس في المسجد وانتظار الصلاة وذكر صلاة الملائكة عليه ودعائهم له ما لم يؤذ فيه، أو يحدث فيه.
ثم ذكروا الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.
وروى البيهقي في شعب الإيمان عن أبي الدرداء مرفوعا: المساجد بيوت الله، وقد ضمن الله لمن كانت المساجد بيته بالروح والراحة والجواز على الصراط إلى الجنة.
وورد في انتظار الصلاة بعد الصلاة وانتظار صلاة الضحى بعد شروق الشمس خير كثير، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله, قال: إسباغ الوضوء على المكاره, وكثرة الخطى إلى المساجد, وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط. رواه مسلم وغيره.
وقال صلى الله عليه وسلم قال: من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة. رواه الترمذي وغيره، وصححه الألباني.
فلا يخفى بعد كل هذه النصوص أن الأفضل للمرء هو المكث في المسجد ما أمكنه ذلك لا سيما في طرفي النهار من غير تفريط في الحقوق والواجبات، ويزداد الأجر بفعل النوافل في البيت بعد العودة إليه من المسجد، إن كان وقتها باقيا، أو قبل مغادرته إلى المسجد، وراجع في ذلك فتوانا رقم: 22946.
والله أعلم.