الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد دلت الأحاديث على أن العبد لا يعدم من دعائه خيرا، وجاء في الحديث: ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذن نكثر، قال: الله أكثر وأطيب. رواه أحمد وغيره من حديث أبي سعيد رضي الله عنه.
وجاء في الحديث التصريح بأن إعطاء العبد إحدى هذه الخصال الثلاث يعد استجابة لدعائه فورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من رجل يدعو بدعاء إلا استجيب له، فإما أن يعجل له في الدنيا، وإما أن يدخر له في الآخرة، وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، أو يستعجل. قالوا: يا رسول الله وكيف يستعجل؟ قال: يقول: دعوت ربي فما استجاب لي. رواه أحمد والترمذي.
فهذا كله من استجابة الدعاء، والله تعالى يفعل لعبده ما هو الخير والمصلحة، ومن ثم فعلى العبد أن يجتهد في الدعاء محسنا ظنه بربه، عالما أن الخير لا يأتي إلا من قبله تعالى، ثم يرضى بعد ذلك بما يقدره الله ويقضيه، ويعلم أن دعاءه مستجاب إن استوفى الشروط وانتفت عنه الموانع، ولكن قد يختلف نوع الإجابة بحسب ما تقتضيه حكمة الله تعالى، جاء في تحفة الأحوذي: ( باب ما جاء أن دعوة المسلم مستجابة )
لكن الإجابة تتنوع، فروى أحمد في مسنده عن أبي سعيد مرفوعا: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها.
وروى الترمذي في أواخر الدعوات عن أبي هريرة مرفوعا: ما من رجل يدعو الله بدعاء إلا استجيب له فإما أن يعجل له في الدنيا، وإما أن يدخر له في الآخرة، وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا.
ونقل في مرعاة المفاتيح عن ابن الجوزي قوله: اعلم أن دعاء المؤمن لا يرد غير أنه قد يكون الأولى له تأخير الإجابة، أو يعوض بما هو أولى له عاجلاً أو آجلاً ، فينبغي للمؤمن أن لا يترك الطلب من ربه، فإنه متعبد بالدعاء كما هو متعبد بالتسليم والتفويض. انتهى.
والله أعلم.