الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا لم يترك الميت من الورثة إلا من ذكر، فإن لأمه السدس ـ فرضاً ـ لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى: وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ {النساء:11}.
والباقي للأبناء والبنت ـ تعصيباً ـ للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ {النساء:11}.
فتقسم التركة على اثنين وأربعين سهماً، للأم سدسها ـ سبعة أسهم ـ ولكل ابن عشرة أسهم، وللبنت خمسة أسهم.
وما أخذه الأبناء في حياة والدهم لا يسمى ميراثاً، وإنما هبة، أو عطية، والذي فهمناه من السؤال هو أن الأب أعطى الأبناء وأوصى للبنت، فإذا كان هذا صحيحاً، فإن عطية الأبناء دون البنت من غير مسوغ شرعي تعتبر خلاف العدل الذي أمر الله به في كتابه وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته، والمفتى به عندنا أن مثل هذه الهبة باطلة وترد حتى بعد ممات الواهب، وانظري الفتاوى التالية أرقامها: 101286، 103527، 6242 عن وجوب العدل بين الأولاد في العطية ورد الهبة الجائرة.
وراجع الفتوى رقم: 116573، في أنها ترد ولو بعد موت الواهب، كما أن ما كتبه الأب لابنته ولم تستلمه حتى مات، إنما يعتبر وصية لوارث ولا تمضي إلا برضا بقية الورثة، والذي ننصحكم به ـ بعد تقوى الله تعالى ـ هو أن تردوا كل شيء إلى التركة وتذهبوا إلى محكمة شرعية لتقسمها بينكم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا، أو ديون، أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي ـ إذاً ـ قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية ـ إذا كانت موجودة ـ تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.