الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ثبت في الحديث أن ضمة القبر لا ينجو منها أحد لا بر ولا فاجر، وقد ذكرنا الأحاديث الواردة فيها، وأنها تختلف باختلاف الناس، فضغطة الكافر تختلف منها أضلاعه وتدوم عليه، وضغطة المسلم في أول نزوله إلى القبر، ثم يعود إلى الإفساح له فيه، وأن المسلمين يتفاوتون فيها على حسب أعمالهم، وانظري الفتوى:18370.
وما ورد من اختلاف الأضلاع ليس شيء منه في المسلم، وإنما هو في الكافر والفاجر والمنافق والشاكّ فهو الذي: يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ـ كما جاء في حديث البراء الطويل الذي رواه الإمام أحمد وصححه الأرنؤوط.
وقال الإمام الذهبي ـ رحمه الله: هذه الضمة ليست من عذاب القبر في شيء، بل هو أمر يجده المؤمن، كما يجد ألم فقد ولده وحميمه في الدنيا، وكما يجد من ألم مرضه وألم خروج نفسه.
وفي مشكاة المصابيح للتبريزي: والمؤمن المطيع لا يكون له عذاب القبر، ويكون له ضغطة القبر، فيجد هول ذلك وخوفه، لما أنه تنعم بنعمة الله ولم يشكر النعمة، وروى ابن أبي الدنيا عن محمد التيمي قال: كان يقال: إن ضمة القبر إنما أصلها أنها أمهم، ومنها خلقوا فغابوا عنها الغيبة الطويلة، فلما ردّ إليها أولادها ضمتهم ضمة الوالدة غاب عنها ولدها ثم قدم عليها، فمن كان لله مطيعاً ضمته برأفة ورفق، ومن كان عاصياً ضمته بعنف سخطاً منها عليه لعصيانه ربها ـ ذكره السيوطي في زهر الربى. رواه النسائي في الجنائز، وأخرجه أيضاً البيهقي، والحاكم.
والله أعلم.