الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان العمل مربية أطفال الكفار يقتصر على التعليم والتدريس فلا نرى مانعا من ذلك، وأما إن كان يشمل خدمتهم الباطنة كالقيام بشؤونهم الخاصة من الإطعام وتغيير الملابس وإزالة الأذى ونحو ذلك فقد ذكر الفقهاء أن عمل المسلم عند الكافر إذا تضمن حبس المسلم لمصلحة الكافر قياما بخدمته ورعاية لشئونه فإنه لا يجوز لما في ذلك من امتهان الكافر للمسلم وعلوه عليه وهذا غير جائز، لقوله تعالى: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا {النساء: 141}.
قال ابن قدامة في المغني: وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْمُسْلِمِ لِلذِّمِّيِّ لِخِدْمَتِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ فَقَالَ: إنْ آجَرَ نَفْسَهُ مِنْ الذِّمِّيِّ فِي خِدْمَتِهِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ فِي عَمَلِ شَيْءٍ جَازَ. اهـ.
وعلّل ابن قدامة عدم الجواز بأَنَّهُ عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ حَبْسَ الْمُسْلِمِ عِنْدَ الْكَافِرِ، وَإِذْلَالَهُ لَهُ وَاسْتِخْدَامَهُ. اهـ.
ثم إذا كان بقاء المربية مع الأطفال يعين أمهم على الخروج إلى عمل محرم بحيث لا تخرج إذا لم تجد مربية فإنه لا يجوز أيضا للمسلمة أن تكون معينة لتلك الأم على معصية الله تعالى, وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ { المائدة: 2 }.
وانظري للأهمية الفتوى رقم: 47332.
والراجح من كلام أهل العلم أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وبالتالي، فلا تجوز إعانتهم على ارتكاب المعاصي.
والله أعلم.