الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبهك أولا إلى أمر مهم، وهو أن الأصل في الأشياء الطهارة، فما كانت طهارته متيقنة لم يحكم بتنجسه إلا بيقين، وأما مجرد الشك فلا يحكم به بتنجس شيء من الأشياء، فننصحك بأن تتركي الاسترسال مع الشكوك وأن تعملي باليقين وتستصحبيه حتى يحصل عندك اليقين بزوال الطهارة وحصول النجاسة، فإن كثرة الشكوك قد تجر إلى الوسواس الذي هو من شر الأدواء.
وعليه، فما دمت غير متيقنة من أن ثياب أخيك كانت متنجسة فلا يلزمك شيء، وعلى فرض كونها كانت متنجسة فلا يلزمك شيء كذلك ما لم تتيقني أن الموضع المتنجس من ثيابه لامس شيئا من ثيابك وأحدهما رطب أو مبتل، وهكذا يقال في الثياب المجتمعة والتي بعضها متنجس وبعضها طاهر، فالأصل عدم انتقال النجاسة حتى يحصل اليقين بملامسة الموضع المتنجس للثوب الطاهر وأحدهما مبتل، أو رطب، وأما إذا كانا جافين فإن النجاسة لا تنتقل، وانظري لبيان أحوال انتقال النجاسة من جسم لآخر الفتوى رقم: 117811.
واعلمي أنه لا يشترط غسل الثوب المتنجس في الغسالة، بل يكفي غمره بالماء ما دامت النجاسة حكمية كالبول. ومن ثم، فما فعلته من غسل الثوب تحت الحنفية يكفي، ويجوز لبسه مبتلا قبل جفافه، لأنه صار محكوما بطهارته بمجرد غسله، كما أن الثياب المعلقة لتجف لا يؤثر في طهارتها النجاسة الموجودة على الأرض ما دامت لا تصيبها، بل السؤال عن هذا مما يشعر بوجود وسوسة عندك في هذا الباب، ولا يلزم حل الأزرار ولا الأربطة الموجودة في الثوب عند غسله، بل إذا أصابت النجاسة شيئا من ذلك صب عليه الماء، وإذا وصلت النجاسة إلى ما تحته غمر بالماء حتى يتيقن وصول الماء إلى الموضع المتنجس، وانظري الفتوى رقم: 155121.