الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فشكر الله لك حرصك على الخير ورغبتك فيه، والذي ننصحك به هو أن تسدد وتقارب، فاحرص على ألا تترك قيام الليل بعلة قصر الليل، فإن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل، واحرص على أن يكون القدر الذي تقومه من الليل غير مانع لك من القيام لصلاة الفجر، فإن فعل الفرائض خير وأعظم أجرا من فعل النوافل، كما قال الله تعالى في الحديث القدسي: وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه. رواه البخاري.
والذي ننصحك به هو أن تحرص على النوم مبكرا، ثم تستيقظ في جوف الليل في ثلثه الأخير، فإنها الساعة التي ينزل فيها الرب تعالى إلى سماء الدنيا، فيجيب الداعي، ويعطي السائل، ويغفر للمستغفر، والصلاة حينئذ مشهودة، وهي أفضل الصلاة بعد الفريضة كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فإذا قمت في ذلك الوقت المبارك فصل ما كتب الله لك حتى يطلع الفجر، واجعل آخر صلاتك من الليل وترا.
وإن خشيت ألا تستيقظ في ذلك الوقت فأوتر قبل أن تنام، فإذا استيقظت فصل ما كتب لك، ولا تعد الوتر مرة أخرى. وإن فاتك وردك من الصلاة بالليل فلا بأس أن تقضيه بالنهار لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن لا ينبغي لك تعمد تفويت صلاة الليل لما لها من الفضل العظيم، كما لا ينبغي أن تؤثر صلاتك بالليل على حفاظك على صلاة الفجر. بل احرص على تحقيق الموازنة بين هذه الوظائف العظيمة. وفقنا الله وإياك لما فيه رضاه.
والله أعلم.