الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فيجب على من وجبت في ماله الزكاة أن يبادر إلى إخراجها، لأن الزكاة واجبة على الفور، كما بيناه في الفتوى رقم:
66632
ولا يجوز تقديم صدقة التطوع على الزكاة الواجبة، فلا يجوز للشخص المشار إليه أن يغير النية من الزكاة إلى الصدقة بعد وجوب الزكاة، إلا إذا كان ينوي أن يخرج الزكاة فورا بدل ذلك المال الذي أخرجه صدقة.
وأما تغيير النية من زكاة إلى صدقة، فإن كان غير النية بعد دفع الزكاة إلى مستحقيها فإنها تعتبر زكاة وليست صدقة نافلة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. متفق عليه.
وهذا التغيير من نية الزكاة يعتبر رفضا للزكاة بعد براءة الذمة منها. وقد ذهب كثير من الفقهاء إلى أن رفض النية بعد الانتهاء من العبادة لا يبطلها.
جاء في مواهب الجليل للحطاب المالكي: إذَا كَانَ الرَّفْضُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعِبَادَةِ فَنَقَلَ صَاحِبُ الْجَمْعِ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ التَّأْثِيرِ عِنْدِي أَصَحُّ، لِأَنَّ الرَّفْضَ يَرْجِعُ إلَى التَّقْدِيرِ، لِأَنَّ الْوَاقِعَ يَسْتَحِيلُ رَفْضُهُ وَالتَّقْدِيرُ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا بِدَلِيلٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَلِأَنَّهُ بِنَفْسِ الْفَرَاغِ مِنْ الْفِعْلِ سَقَطَ التَّكْلِيفُ بِهِ، وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ التَّكْلِيفَ يَرْجِعُ بَعْدَ سُقُوطِهِ لِأَجْلِ الرَّفْضِ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ ـ وفِي كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ فِي بَابِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْعِبَادَةَ كُلَّهَا ـ الْوُضُوءَ وَالْغُسْلَ وَالصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ وَالْإِحْرَامَ ـ لَا يُرْتَفَضُ مِنْهَا شَيْءٌ بَعْدَ كَمَالِهِ، وَأَنَّ الْجَمِيعَ يُرْتَفَضُ فِي حَالِ التَّلَبُّسِ إلَّا الْإِحْرَامَ. اهـ.
وفي خصوص تغيير نية الصدقة إلى زكاة فانظر فيه الفتوى رقم:
124055
والله أعلم.