الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يفرج كربك وأن يصرف عنك السوء، ثم اعلمي ـ وفقك الله ـ أنك إن خفت على نفسك تلفا إذا اطلع على صلاتك جاز لك أن تصلي صلاة شدة الخوف، فتأتين بما قدرت عليه من أفعال الصلاة وتومئين بما عجزت عنه من ركوع، أو سجود، ويكون إيماؤك برأسك، فإن عجزت فبطرفك لا بالإصبع كما ذكرت، وتجعلين سجودك أخفض من ركوعك، وترددين أذكار الصلاة الواجبة، وما عجزت عنه من شروط الصلاة فإنه يسقط عنك، فإن عجزت عن ستر جميع العورة فإنك تصلين على حسب حالك ولا شيء عليك، قال في كشاف القناع: أو خاف على نفسه، أو أهله، أو ماله من شيء مما سبق إن ترك الصلاة على هيأتها في شدة الخوف فإن له أن يصلي صلاة شدة الخوف لدخول ذلك كله في عموم قوله تعالى: فإن خفتم. انتهى.
فإن قدرت على الجمع بين الصلاتين الظهر والعصر في وقت إحداهما، والمغرب والعشاء في وقت إحداهما جاز لك ذلك، قال في شرح المنتهى: والسابعة ـ أي مما يباح له الجمع بين الصلاتين ـ لعذر يبيح ترك جمعة وجماعة كخوفه على نفسه وماله، أو حرمته، والثامنة ذكرها بقوله، أو شغل يبيح ترك جمعة وجماعة كمن يخاف بتركه ضررا في معيشة يحتاجها فيباح الجمع، لما تقدم بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء. انتهى.
وهل الجمع أفضل أو لا؟ الذي نص عليه فقهاء الحنابلة أن ترك الجمع أولى إلا في عرفة ومزدلفة، وعليه فيكون تركك للجمع وصلاتك على الحال التي تستطيعين الصلاة عليه أولى، وعن أحمد رواية أن الجمع أفضل وقد يقال إن الجمع في حقك أولى وذلك حرصا على تكميل الصلاة والإتيان بها على وجهها، ولعل ذلك أقرب إن شاء الله، وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين أن الجمع للمشقة أولى، قال رحمه الله: ترك الجمع أفضل إلا عند الحاجة. انتهى.
وسواء جمعت، أو صليت على ما يقتضيه حالك فصلاتك صحيحة في كلا الحالين ـ إن شاء الله ـ ثم إن طريقة الجمع أن تنوي قبل الشروع في الأولى أنك تجمعين بين الصلاتين إن كنت تجمعين جمع تقديم، ثم تنوين فعل الصلاة الأولى وتصلينها أربعا إن كانت رباعية، لأن القصر إنما يباح في السفر، فإذا فرغت منها صليت الثانية بعدها مباشرة من غير فاصل طويل، وإن كنت تجمعين بينهما جمع تأخير فإنك تنوين الجمع في وقت الأولى ثم تصلين الصلاتين في وقت الثانية ما دام عذرك باقيا إلى خروج وقت الأولى.
والله أعلم.