الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فإن من كان من هؤلاء غير محتاج بأن كان عنده ما يكفي لحاجة مثله بسبب إنفاق والده عليه، أو بسبب راتبه من شغله فلا يجوز صرف الزكاة له، لأنه إما غني بنفقة والده، وإما براتبه، ومن كان منهم محتاجا لعجز والده عن سد خلته، أو بخله عليه ولم يمكن له أخذ كفايته منه فيجوز صرف الزكاة له، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 40758
كما يجوز للطلبة منهم أخذ الزكاة إّذا لم يكن ما لديهم من المال يكفي لحاجتهم مع مصاريف الدراسة، فقد أجاز العلماء لطالب العلم الفقيرالمشتغل بتحصيل علم من العلوم التي يحتاجها لمصلحته الدينية، أو الدنوية، والذي يتعذر عليه الجمع بين طلب العلم والكسب أن يعطى من الزكاة، قال النووي في المجموع: ولو قدر على كسب يليق بحاله إلا أنه مشتغل بتحصيل بعض العلوم الشرعية بحيث لو أقبل على الكسب لانقطع عن التحصيل حلت له الزكاة، لأن تحصيل العلم فرض كفاية، وأما من لا يتأتى منه التحصيل فلا تحل له الزكاة إذا قدر على الكسب وإن كان مقيما بالمدرسة. انتهى.
وقال المرداوي في الإنصاف: واختار الشيخ تقي الدين جواز الأخذ من الزكاة لشراء كتب يشتغل فيها بما يحتاج إليه من كتب العلم التي لا بد منها لمصلحة دينه ودنياه. انتهى، وهو الصواب، ولو أراد الاشتغال بالعلم وهو قادر على الكسب وتعذر الجمع بينهما، فقال في التلخيص: لا أعلم لأصحابنا فيها قولا، والذي أراه جواز الدفع إليه. انتهى ـ قلت: الجواز قطع به الناظم، وابن تميم، وابن حمدان في رعايته، وقدمه في الفروع. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 58739
أما تأخير الزكاة عن وقت وجوبها مع القدرة على إخراجها فلا يجوز، ويكون صاحبها ضامناً لها، وليس لذلك كفارة غير التوبة إلى الله تعالى وإخراجها من غير تأخير، قال الإمام النووي في المجموع: من وجبت عليه الزكاة وقدر على إخراجها لم يجز له تأخيرها، لأنه حق يجب صرفه إلى الآدمي توجهت المطالبة بالدفع إليه، فلم يجز له التأخير كالوديعة إذا طالب بها صاحبها، فإن أخرها وهو قادر على أدائها ضمنها، لأنه أخر ما يجب عليه مع إمكان الأداء فضمنه كالوديعة. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 128188
والله أعلم.