الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فننبهك أولا إلى أن تحريم الزوجة غير جائز، وأن الحلف المشروع إنما يكون بالله تعالى، ثم اعلم أن حلف الزوج على زوجته بالحرام قد اختلف فيه أهل العلم، فذهب بعضهم إلى أنه يحمل على الظهار، وبعضهم إلى أنه طلاق، وبعضهم إلى أنه يمين، وفرّق بعضهم بين ما إذا قصد بها الطلاق، أو الظهار، أو اليمين، فيقع ما قصد ـ وهو المفتى به عندنا ـ وانظر الفتوى رقم: 14259.
وعلى ذلك، فإن كنت قصدت الطلاق فقد وقع عليها الطلاق بكذبها عليك، لكن إن كنت لم تستكمل ثلاث تطليقات وكنت قد جامعت زوجتك قبل انقضاء عدتها فقد رجعت إلى عصمتك، بناء على قول من يرى حصول الرجعة بالجماع ولو من غير نية، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 54195.
وإن كنت قصدت الظهار وقع عليها الظهار، وكان الواجب عليك قبل العود فيه أن تكفر كفارة الظهار، وحيث لم تفعل فالواجب عليك التكفير الآن، وانظر في كفارة الظهار الفتوى رقم: 192.
وأما إن كنت قصدت اليمين، أو لم تقصد شيئا معينا، فعليك كفارة يمين بالله، وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام، وبخصوص قولك: إذا ذهبت إلى أهلك مش هترجعي هنا تاني ـ فهو كناية، فإن كنت لم تقصد به الطلاق فلا شيء عليك، وإن كنت قصدت به الطلاق، فعلى قول الجمهور وقع الطلاق بذهابها لأهلها، لكن إن كنت لم تستكمل ثلاث تطليقات وكنت قد جامعت زوجتك قبل انقضاء عدتها فقد رجعت إلى عصمتك، واعلم أنه إذا نزلت المصائب على العبد، أو شعر بعدم التوفيق في بعض الأمور، فعليه أن يتهمّ نفسه ويراجع حاله مع الله، فإنّه لم ينزل بلاء إلا بذنب ولم يكشف إلا بتوبة، قال ابن القيم: ومن عقوبات الذنوب أنها تزيل النعم وتحل النقم، فما زالت عن العبد نعمة إلا لسبب ذنب ولا حلت به نقمة إلا بذنب.
وليست الذنوب مقصورة على الأمور المتعلقة بعصمة الزوجية، وإنما هي أعم من ذلك، فعليك مراجعة نفسك وتجديد التوبة من كل الذنوب، والحرص على أداء الفرائض واجتناب المعاصي الظاهرة والباطنة، وأكثر من الذكر والدعاء، فإن الله قريب مجيب.
والله أعلم.