الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام المرض قد طرأ عليك قبل دخول رمضان بوقت يسع القضاء، أو أكثر ولم تتمكني منه فلست مفرطة بذلك، إذ تأخير القضاء إلى هذا الوقت كان جائزا لك، وقد صرح فقهاء المالكية بأن الفدية لا تلزم في هذه الحال، قال في الفواكه الدواني: وفهم من قوله فرط ـ أنه تمكن من القضاء في آخر شعبان بقدر ما عليه من الأيام، فلو أخر القضاء حتى بقي من شعبان قدر ما عليه من الأيام، فمرض، أو سافر، أو حاضت حتى دخل رمضان لم يلزم كفارة لعدم التفريط. انتهى.
وعليه، فلا شيء عليك ـ إن شاء الله ـ في تأخير القضاء، وإنما يلزمك قضاء ما عليك من أيام عند زوال عذرك ولو بعد رمضان التالي، وذهب بعض أهل العلم إلى أن الفدية تلزمك لتمكنك من القضاء قبل طروء المرض، قال ابن حجر الهيتمي الشافعي في تحفة المحتاج: ومن أخر قضاء رمضان مَعَ إمْكَانِهِ بِأَنْ خَلَا عَنْ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ بَعْدَ يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ فِي غَيْرِ يَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ لَزِمَهُ مَعَ الْقَضَاءِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ، لِأَنَّ سِتَّةً مِنْ الصَّحَابَةِ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ـ أَفْتَوْا بِذَلِكَ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ، أَمَّا إذَا لَمْ يَخْلُ كَذَلِكَ فَلَا فِدْيَةَ، لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْأَدَاءِ بِذَلِكَ جَائِزٌ، فَالْقَضَاءُ أَوْلَى. انتهى.
فلو احتطت وأخرجت الفدية إن كنت قادرة عليها لكان أحسن خروجا من الخلاف.
والله أعلم.