الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى ما في تبادل الحب مع امرأة أجنبية من وسائل الشر والفساد، وأنه قد يجر إلى الفاحشة ـ والعياذ بالله تعالى ـ ، ويجوز للمسلم الزواج من الكتابية إذا زنت ثم تابت وظهرت توبتها من الزنا الذي وقعت فيه وصارت عفيفة، أما قبل ظهور توبتها فلا يجوز نكاحها، لأن الإحصان من شروط جواز نكاح الكتابية، وراجع في ذلك الفتويين: 9644 ، 36381.
وعليه، فإذا توفرت الشروط لنكاح تلك المرأة فهو جائز، ولو بقيت على دينها ولم تعلن إسلامها إلا بعد عقد النكاح، وبخصوص من يباشر عقد نكاحها ـ في حال جوازه ـ فهو أبوها إذا كان على دينها، ثم أقرب عصبتها من أهل دينها على الترتيب المتقدم في الفتوى رقم: 129293.
فإن لم يوجد أحد من عصبتها أو امتنع من تزويجها زوجها قاض مسلم، فإن لم يوجد زوجها رئيس المركز الإسلامي في بلدها، جاء في فتاوي اللجنة الدائمة للإفتاء: الكتابية يزوجها والدها، فإن لم يوجد أو وجد وامتنع زوجها أقرب عصبتها، فإن لم يوجدوا أو وجدوا وامتنعوا زوجها القاضي المسلم إن وجد، فإن لم يوجد زوجها أمير المركز الإسلامي في منطقتها، لأن الأصل في ولاية النكاح أنها للأب ثم للعصبة الأقرب فالأقرب، فإذا عدموا أو كانوا ليسوا أهلا للولاية لأي مانع من الموانع أو امتنعوا بغير حق انتقلت الولاية إلى الحاكم أو من ينيبه، قال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ـ وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يتزوج أم حبيبة بنت أبي سفيان وكانت مسلمة وأبو سفيان لم يسلم، فوكل النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري فتزوجها من ابن عمها خالد بن سعيد بن العاص وكان مسلما، وإن عضل أقرب أولياء حرة فلم يزوجها بكفء رضيته زوجها الأبعد، فإن لم يكن فالحاكم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: السلطان ولي من لا ولي له. انتهى. وراجع فيمن يتولى إنكاح الكافر الفتوى رقم: 10748.
ويجب عليك طاعة والديك في عدم الزواج من تلك المرأة ولو توفرت لها شروط صحة نكاحها، إلا إذا خشيت الوقوع معها في معصية الله تعالى فلك الزواج منها تقديما لحق الله تعالى، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 112602.
والله أعلم.