الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا من الشفاعة السيئة لما يترتب عليه من أكل أموال الناس بالباطل، ولما فيه من الحيلة والخداع وتزوير الحقائق وقلبها، قال تعالى: ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها.
وليس لوالد صديقك إصلاح سيارته في الوكالة وهو لا يستحق ذلك في العقد بينه وبين شركة التأمين لقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه اصحاب السنن. ووساطة المسؤول أو المدير لا تبيح ذلك ما لم يكن مأذونا له فيه؛ لأنه مجرد وكيل عن أصحاب المال ليعمل فيه بالأصلح لهم، وليس له التعدي على من وكلوه بالتبرع من أموالهم دون إذنهم .
وننبه إلى أن التأمين نوعان منه ما هو محرم وهو التأمين التجاري، ولا يجوز الاشتراك فيه اختيارا، ومن أجبر على الاشتراك فيه فليس له أن ينتفع منه بغير ما اشترك به . والنوع الثاني هو التأمين التعاوني التكافلي ولا حرج في الاشتراك فيه . كما بينا في الفتوى رقم 107270
وأما الأموال العامة التي تلزم المواطن أو الموظف بوجه مشروع فليس للمسؤول وزيرا كان أوسفيرا إعفاؤه منها إلا إذا كان مخولا بذلك مأذونا له فيه من قبل ولي الأمر بما لا ينافي المصلحة. وليُعلم أن أخذ المال العام قد يكون أشد حرمة من أخذ المال الخاص؛ فالأول اعتداء على حقوق المجتمع كله، والثاني اعتداء على حق فرد واحد، والمال الخاص له من يحميه، وأما المال العام فحمايته مسؤولية المجتمع كله.
والله أعلم.