الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الشرع بصلة الرحم ونهى عن قطعها حتى لمن يقطعها، وانظري الفتوى رقم: 77480
وقد بينّا حد الرحم التي تجب صلتها في الفتوى رقم: 123691.
وإذا كان بعض الأقارب يقع في الغيبة والنميمة فالواجب عليك اجتناب هذه المحرمات، والحرص على أن تكون مجالسك معهم مجالس خير وطاعة، وإذا صدر من بعضهم غيبة فعليك الإنكار وبيان حرمة الغيبة، ويمكنك توجيه الحوار بعيداً عن الأمور المحرمة والمبادرة بالكلام النافع، فإذا لم ينفع ذلك فالواجب اجتناب هذه المجالس، قال النووي: باب تحريم سماع الغيبة وأمر من سمع غيبةً مُحرَّمةً بِرَدِّها والإنكارِ عَلَى قائلها، فإنْ عجز أَوْ لَمْ يقبل منه فارق ذلك المجلس إن أمكنه.
ولا يستلزم ذلك مقاطعتك لهم تماماً، وإنما يمكنك صلتهم بالسؤال عنهم ونحو ذلك مما لا يضرك أو يوقعك في أمور محرمة، فإن الشرع لم يحدد لصلة الرحم أسلوباً معيناً أو قدراً محدداً؛ وإنما المرجع في ذلك إلى العرف واختلاف الظروف، فتحصل الصلة بالزيارة والاتصال والمراسلة والسلام وكل ما يعده العرف صلة، قال القاضي عياض: وللصلة درجات بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة فمنها واجب ومنها مستحب، ولو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعا، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له أن يفعله لا يسمى واصلا.
وراجعي الفتوى رقم: 80230.
والله أعلم.