الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا يشترط فيما يخرج في زكاة الفطر أن يكون خارجا من الأرض، وقد روى البخاري في صحيحه من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ وَالتَّمْرُ . اهـ. والأقط لبن مجفف يابس وليس هو مما يخرج من الأرض.
قال بدر الدين العيني في شرح البخاري عن الأقط : يصنع من اللبن وذلك أن يؤخذ اللبن فيطبخ فكلما طفا عليه من بياض اللبن شيء جمع في إناء وهو من أطعمة العرب ... وقال ابن الأثير: الأقط لبن مجفف يابس اهـ.
جاء في الموسوعة الفقهية: يجوز إخراج زكاة الفطر من الأقط عند جمهور الفقهاء باعتباره من الأقوات، ولحديث أبي سعيدٍ الخدريّ رضي الله عنه قال: كنّا نخرج زكاة الفطر - إذ كان فينا النّبيّ صلى الله عليه وسلم - صاعاً من طعامٍ، أو صاعاً من شعيرٍ ، أو صاعاً من تمرٍ ، أو صاعاً من زبيبٍ ، أو صاعاً من أقطٍ ... اهـ.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الشيء إذا أثرت فيه النار لم يجز إخراجه في زكاة الفطر كالخبز ومثله المكرونة، وقد أجاز الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى إخراج المكرونة في زكاة الفطر وبين حجة المانعين وكيفية الرد عليها حيث قال في شرح الزاد: هل تجزئ المكرونة في زكاة الفطر؟ الجواب: من قال: إن الخبز يجزئ فالمكرونة عند صاحب هذا الرأي تجزئ أيضاً، ومن قال: لا يجزئ الخبز؛ لأن الخبز أثرت عليه النار، فإن المكرونة إذا أثرت عليها النار في تصنيعها فإنها لا تجزئ كذلك، ولو أن إلحاق المكرونة بالخبز من كل وجه فيه نظر، ولهذا نرى أن إخراج المكرونة يجزئ ما دامت قوتاً للناس ليست كالخبز من كل وجه، وتعتبر بالكيل إذا كانت صغيرة مثل الأرز، أما إذا كانت كبيرة فتعتبر بالوزن، والصحيح أن كل ما كان قوتاً من حب وثمر ولحم ونحوها فهو مجزئ سواء عدم الخمسة، أو لم يعدمها لحديث أبي سعيد: وكان طعامنا يومئذٍ الشعير والتمر والزبيب والأقط. اهـ.
والله تعالى أعلم.