الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أنه لا يوجد دين سماوي أو قانون أرضي أكرم المرأة كما هو الشأن في الإسلام، فقد أكرمها أما وزوجة وبنتا وأختا إلى غير ذلك، وقد سبق لنا بيان ذلك بالتفصيل، فراجع الفتويين رقم: 16441، ورقم: 5729.
واعلم أن الغرب لن يكف عن اتهام المسلمين بهضم حقوق المرأة، لأنه يريد من المرأة المسلمة أن تتبع نهجه لا نهج السماء فتكون سلعة رخيصة تتخطفها ذئاب البشر فيهينون كرامتها ويدنسون عرضها وينتهكون حرمتها، وصدق الله تعالى حين قال: ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم {البقرة:120}.
فالمهم أن يكون المسلم على يقين من أن منهج الإسلام هو المنهج الحق، وأن شرعه هو الشرع القيم سواء فيما يتعلق بجانب المرأة أو غير ذلك من الجوانب، قال الله عز وجل: أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون{ المائدة: 50 }.
وما زالت المرأة في الإسلام تشارك في أمور الحياة العامة مع التزامها بحشمتها وأدبها وابتعادها عن الاختلاط بالرجال، فقد عرفت المرأة في الإسلام معلمة ومتعلمة ومجاهدة وقائمة على شأن الفقراء والمساكين حتى أصبحت منهن من تلقب بأم المساكين، وقد برز في حياة التابعين كثير من النساء الفضليات مثل حفصة بنت سيرين أخت محمد بن سيرين سيدة التابعيات والتي حفظت القرآن وعمرها اثنتي عشرة سنة، وأم الدرداء الصغرى هجيمة أو جهيمة الوصابية، فقد كانت فقيهة وهي زوجة الصحابي الجليل أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ وعمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة، وكانت يتيمةٍ في حجرعائشة ـ رضي الله عنها ـ وتربَّتْ تحت ظِلِّها، وكانت من أعلم الناس بحديثها، قال عنها الزركلي في الأعلام: فقيهة عالمة بالحديث ثقة.
ومقام الفتوى لا يتسع لذكر نماذج، ولعلك إذا رجعت إلى بعض كتب التراجم كسير أعلام النبلاء للذهبي وصفة الصفوة لابن الجوزي ومعجم أعلام النساء لعمر رضا كحالة أن تجد ما تحتاج إليه من نماذح من حياة التابعيات وغيرهن.
والله أعلم.