الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد مكثت وقتا بعد زوال الشمس يوم التاسع من ذي الحجة داخل حدود عرفة فقد أديت ركن الوقوف بعرفة ولا يؤثر على صحة حجك خروجك منها بعد ذلك عند الجمهور، لكن إذا كان المكان الذي خرجت إليه ومكثت فيه إلى الغروب خارج حدود عرفة ثم ذهبت منه لمزدلفة دون أن تقف بعرفة بعد الغروب ولو وقتا يسيرا فقد تركت واجب الوقوف في جزء من الليل فكأنك دفعت لمزدلفة قبل الغروب فيجب عليك دم في قول أكثر أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني: وعلى من دفع قبل الغروب دم في قول أكثر أهل العلم منهم عطاء والثوري والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي ومن تبعهم. انتهى.
وتعرف علامات حدود عرفة من خلال الإشارات الموجودة هناك حتى داخل المسجد، لأن بعضه في عرفة وبعضه خارجها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 58377، ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 119772.
أما عن السؤال الثاني: فإن وقت الوقوف بعرفة يبدأ من زوال الشمس عند الجمهور خلافا للحنابلة القائلين بأن وقت الوقوف يبدأ من طلوع الفجر، وعلى قول الجمهور لا يجزئ الاقتصارعلى الوقوف بعرفة قبل الزوال، ففي المبسوط للسرخسي في الفقه الحنفي: ومن وقف بعرفة قبل الزوال لم يجزه، ومن وقف بعد زوال الشمس أو ليلة النحر قبل انشقاق الفجر أو مر بها مجتازا وهو يعرفها أو لا يعرفها أجزأه. انتهى.
وفي المجموع للنووي في الفقه الشافعي: وأول وقته إذا زالت الشمس، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف بعد الزوال، وقد قال صلى الله عليه وسلم: خذوا عني مناسككم ـ وآخر وقته إلى أن يطلع الفجر الثاني، لحديث عبد الرحمن الديلي فإن حصل بعرفة في وقت الوقوف قائما أو قاعدا أو مجتازا فقد أدرك الحج، لقوله صلى الله عليه وسلم: من صلى هذه الصلاة معنا وقد قام قبل ذلك ليلا أو نهارا، فقد تم حجه وقضى تفثه. انتهى.
أماعلى قول الحنابلة فيحصل الركن بالوقوف بعد الفجر، ففي الشرح الكبير لابن قدامة المقدسي: ووقت الوقوف من طلوع الفجر يوم عرفة إلى طلوع الفجر يوم النحر، فمن حصل بعرفة في شيء من هذا الوقف وهو عاقل تم حجه. انتهى.
كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 13595، ولبيان ما يجب على من ترك المبيت في مزدلفة انظر الفتوى رقم: 29952، ففيها الإجابة عن السؤال الأخير.
والله أعلم.