الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في جواز إجبار الأب لبنته البكر البالغة على الزواج، والراجح عندنا أنه لا يجوز له جبرها على الزواج، وإذا عقد عليها دون رضاها ففي صحة هذا العقد خلاف بين أهل العلم، وانظر في ذلك الفتويين رقم: 153121، ورقم: 164219، وما أحيل عليه فيهما من فتاوى.
وإذا كانت هذه الفتاة قد وقعت في الفاحشة فقد ارتكبت إثما عظيما فإن الزنا من أفحش الذنوب ومن أكبر الكبائر التي تجلب غضب الله، فالواجب عليها أن تبادر بالتوبة إلى الله، وذلك بالإقلاع عن هذا المنكر والندم على فعله والعزم على عدم العود إليه وعليها أن تستر على نفسها ولا تجاهر بمعصيتها، وإذا تزوجت بعد ذلك فإنها تعامل معاملة الثيب، أما إذا زالت بكارتها بغير وطء كما لو أزالتها بأصبع ونحوه فإنها تعامل في مسألة الإذن بالزواج معاملة البكر في قول جمهور أهل العلم، جاء في الموسوعة الفقهية ما يلي: مَنْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِلاَ وَطْءٍ كَوَثْبَةٍ، أَوْ أُصْبُعٍ، أَوْ حِدَةِ حَيْضٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهِيَ بِكْرٌ حَقِيقَةً وَحُكْمًا، وَلاَ أَثَرَ لِزَوَال بَكَارَتِهَا بِمَا ذُكِرَ وَنَحْوِهِ فِي الإِْجْبَارِ وَالاِسْتِئْذَانِ وَمَعْرِفَةِ إِذْنِهَا، لأَِنَّهَا لَمْ تُمَارِسِ الرِّجَال بِالْوَطْءِ فِي مَحَل الْبَكَارَةِ، وَلأَِنَّ الزَّائِل فِي هَذِهِ الْمَسَائِل الْعُذْرَةُ، أَيِ الْجِلْدَةُ الَّتِي عَلَى مَحَل الْبَكَارَةِ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالأَْصَحُّ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالثَّانِي لِهَؤُلاَءِ، وَلأَِبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ: أَنَّهَا كَالثَّيِّبِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الاِكْتِفَاءِ بِسُكُوتِهَا، لِزَوَال الْعُذْرَةِ، لأَِنَّهَا ثَيِّبٌ حَقِيقَة. اننهى.
فهذا ما يتعلق بالإذن في التزويج، أما عن إخبار الزوج عن الثيوبة والبكارة إذا شرطها، فلا يجوز الكذب عليه في ذلك سواء زالت البكارة بوطء أو غيره، أما إذا لم يشترط الزوج البكارة فلا يلزم الإخبار بفقدها، وانظر الفتوى رقم: 135637.
والله أعلم.