الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السنة أن يذبح المضحي أضحيته ويباشرها بيده اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وله أن يوكل غيره ممن يستطيع ذلك ولو بأجرة ، وحيث إن ذلك لم يحصل حتى فات وقت ذبح الأضاحي وهو ينتهي بغروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق فقد فاتته سنة الأضحية وفاته أجرها، ولا يجب ذبحها لكنه جائز وله أن يتصدق منها أو يوزعها على الفقراء، وله أن يتركها ويصنع بها ما يشاء. هذا إذا لم يوجبها على نفسه بالنذر أو بالتعيين وإلا وجب ذبحها .
ففي الكافي في فقه الإمام أحمد: فإن فات وقت الذبح ، ذبح الواجب قضاء ، لأنه قد وجب ذبحه ، فلم يسقط بفوات وقته . وإن كان تطوعا فقد فاتته سنة الأضحية . انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: إذا فات وقت الذبح ذبح الواجب قضاء وصنع به ما يصنع بالمذبوح في وقته، وهو مخير في التطوع فإن فرق لحمها كانت القربة بذلك دون الذبح لأنها شاة لحم وليست أضحية ، وبهذا قال الشافعي. وقال أبو حنيفة يسلمها إلى الفقراء ولا يذبحها، فإن ذبحها فرق لحمها وعليه أرش ما نقصها الذبح لأن الذبح قد سقط بفوات وقته . ولنا أن الذبح أحد مقصودي الأضحية فلا يسقط بفوات وقته كتفرقة اللحم وذلك أنه لو ذبحها في الأيام ثم خرجت قبل تفريقها فرقها بعد ذلك ويفارق الوقوف والرمي ، ولأن الأضحية لا تسقط بفواتها بخلاف ذلك. انتهى.
وفي الخرشي على مختصر خليل في الفقه المالكي عند قول المؤلف : كحبسها حتى فات الوقت، قال: يعني وكذلك من حبس أضحيته حتى مضت أيام النحر كلها فإنه يفعل بها ما شاء إذ لا يضحي أحد بعد أيام النحر، وقد أثم هذا بسبب حبسها وصار بمنزلة من لم يضح، فالتشبيه في عدم الإجزاء ويصنع بها ما شاء .انتهى.
وفي حاشية الدسوقي على الشرح الكبير على مختصر خليل: المراد بآثم أنه فات ثواب السنة، فعبر عن المكروه بالإثم لأنه عرض نفسه له كما قالوا إن المكروه حجاب بين العبد وربه .انتهى.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 43777، والفتوى رقم : 58199.
والله أعلم.