الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما مبيتكم خارج مزدلفة بسبب الزحام ففيه الفدية لترك الواجب وهي شاة على كل واحد منكم تذبح في مكة وتوزع على فقراء الحرم، ومن العلماء من يرى أنكم إذا كنتم غير مفرطين بترك المبيت فلا شيء عليكم، وهذا رأي العلامة ابن باز ـ رحمه الله ـ فقد سئل رحمه الله: هناك من يبيت خارج مزدلفة، لأنهم يمنعونه من الوقوف بالسيارة فيتعدى فيبيت في منى فهل عليه هدي؟ فأجاب بقوله: إن كان لم يجد مكانا في مزدلفة أو منعه الجنود من النزول بها فلا شيء عليه، لقول الله سبحانه: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وإن كان ذلك عن تساهل منه فعليه دم مع التوبة. انتهى.
والأحوط بلا شك هو القول الأول، وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: من لم يصل إلى مزدلفة إلا بعد طلوع الشمس بسبب الزحام ما الحكم في ذلك؟ فأجاب ـ رحمه الله ـ بقوله: قال بعض علمائنا: إنه لا شيء عليه، لأنه قد اتقى الله قدر ما استطاع ولم يستطع الوصول إلى مزدلفة فيسقط عنه الواجب، وقال بعض العلماء: إن عليه فدية لترك الواجب، لكن لا إثم عليه، لأنه لم يستطع، والفدية بدل عن هذا الواجب، وتذبح في مكة وتوزع على الفقراء.
وقال أيضا رحمه الله: والخلاصة أن الذي أرى أن هؤلاء الذين فاتهم المبيت بمزدلفة بسبب ازدحام السيارات عليهم هدي احتياطاً وإبراء للذمة. انتهى.
فإن أردت الاحتياط فهذا أحسن.
وأما رمي الجمار فالظاهر أنك كنت قادرا على الرمي بنفسك، ومن ثم فقد أخطأت في التوكيل في الرمي، ثم إنك وصلت إلى منى قبل الفجر من ليلة الحادي عشر كما أخبرت، والرمي عن يوم النحر في هذا الوقت جائز على الراجح، كما أن رمي الجمار قبل الزوال في أول أيام التشريق غير جائز عند الجماهير، وإنما يجيزه أبو حنيفة في رواية عنه ليست هي المعتمدة في المذهب وبعض الحنابلة وعليه، فإنه يلزمكم الهدي لترك الرمي، وراجع لتفصيل القول في وقت الرمي الفتوى رقم: 143799.
كما أن الذي نفهمه من سؤالك أنك لم تصل إلى منى ليلة الحادي عشر إلا قبيل الفجر، ومن ثم فإنكم لم تبيتوا هذه الليلة بمنى إذ المبيت إنما يتحقق بالحصول بمنى أكثر الليل، فإن كان لك عذر في التأخر عن الذهاب إلى منى فمن العلماء من يرى أنه لا شيء عليك، وإن لم يكن لك عذر فيلزمك ما يلزم من ترك مبيت ليلة وهو الصدقة بشيء وقد حدده بعض العلماء بمد من طعام، وراجع الفتويين رقم: 144895، ورقم: 144799.
والله أعلم.