الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المراد استفتاء من يعمل عملا شركيا كدعاء غير الله والاستعانة به والنذر له ونحو ذلك: فالجواب أن مثل ذلك الشخص لا يجوز تقليده ولا العمل بفتواه، لأنه إن كان عالما بالنصوص المتواترة الدالة على المنع من ذلك فحكمه عند أهل العلم معروف، وقد نص الفقهاء والأصوليون على عدم جواز استفتاء الفاسق، فهذا أولى، قال في شرح التحرير: لَا يستفتى الْفَاسِق وَلَا يعْمل بقوله بِخِلَاف الْمَرْأَة وَالرَّقِيق، فالعدالة شَرط فِي الْمُفْتِي لَا فِي الْمُجْتَهد، لِأَن الْمُفْتِي أخص فشروطه أغْلظ. انتهى.
وأما إن كان جاهلا بهذه المسائل العظيمة والتي هي حقيقة دين الرسل ومعنى توحيد الرب تبارك وتعالى فهو بفروع الفقه ودقائق المسائل أجهل، فهذا يعلم وينصح ويبين له حكم الله تعالى ويشرح له معنى التوحيد لا أن يستفتى ويقلد في أحكام الشرع، وهذا كله إن كان يأتي ما هو شرك في نفس الأمر، وأما إن كان يفعل بعض ما اختلف فيه العلماء فأجازه بعضهم ومنعه آخرون مما قد يكون ذريعة للغلو كالتوسل بالحق والجاه ونحو ذلك من المسائل التي الخلاف فيها سائغ، فهذا لا يقدح في عدالته ولا يمنع من استفتائه والعمل بقوله.
والله أعلم.