الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في أن الخوف من النفاق من دأب الصالحين، قال البخاري رحمه الله: وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ: «مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إِلَّا خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا» وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: " أَدْرَكْتُ ثَلاَثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ: إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ " وَيُذْكَرُ عَنِ الحَسَنِ: " مَا خَافَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلاَ أَمِنَهُ إِلَّا مُنَافِقٌ. فخوفك على نفسك النفاق هو من الأمور الطيبة، لكن لا يدفعنك هذا الخوف إلى القنوط من رحمة الله تعالى بل عليك إحسان الظن به تعالى والتوكل عليه في إصلاح القلب والعمل، واجعلي خوفك هذا حاملا لك على مزيد محاسبة النفس والاجتهاد في إصلاح العمل فيكون خوفا صحيا لا مرضيا. وعلاج مرض القلب وما يخشى عليه من النفاق يكون بأمور منها: التوكل على الله تعالى والاجتهاد في دعائه، فإن القلوب بين إصبعين من أصابعه تعالى يقلبها كيف يشاء، ومنها الاجتهاد في تعلم العلم الشرعي فإن به يعرف ما يقرب إلى الله تعالى وما يبعد عنه، وتتبين آفات الأعمال وسبيل التخلص منها، ومنها دوام محاسبة النفس وعدم الغفلة عن تعاهد القلب والنظر في أمراضه وعيوبه والسعي في إصلاحها، ومنها دوام التفكر في الآخرة وما العبد صائر إليه، فإن هذا يكسب القلب رقة يحتقر معها الدنيا ويحرص على الإخلاص لله تعالى وابتغاء مرضاته وحده. وأما نومك عن صلاة الفجر فاعلمي أن المشروع لك هو الأخذ بأسباب الاستيقاظ كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 119406 فإذا أخذت بأسباب الاستيقاظ ثم غلبك النوم فلا حرج عليك ولا تأثمين بذلك، بل أنت معذورة عند الله تعالى وإن تكرر هذا ما دمت تفعلين ما تقدرين عليه من الأخذ بأسباب الاستيقاظ، فإن النائم مرفوع عنه القلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ فِيَّ النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةَ الْأُخْرَى، فَمَنْ فعل ذلك فليصلها حين ينتبه لها. أخرجه مسلم. وانظري لبيان بعض الوسائل المعينة على الاستيقاظ لصلاة الفجر الفتوى رقم: 132604.
والله أعلم.