الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرض الذي يشق معه الذهاب إلى الصلاة عذر للتخلف عن الجمعة والجماعة، وإن لم يكن شديدا، فإن شق المشي واستطاع الركوب ولو بأجرة لا تجحف به سقط عذره، وإن لم يستطع ذلك كله فهو معذور، وليس الضابط في ذلك كون المرض مزمنا أم غير مزمن، ففي مختصر خليل بن إسحاق في الفقه المالكي وهو يذكر الأعذار التي تبيح التخلف عن الجمعة والجماعة: وعذر تركها والجماعة شدة وحل ومطر، أو جذام ومرض وتمريض. انتهى.
قال في منح الجليل على مختصر خليل عند قول: ومرض يشق معه حضور الجمعة والجماعة ماشيا وراكبا وإن لم يشتد، ومنه كبر السن الذي يشق الإتيان معه ماشيا وراكبا، فإن شق عليه ماشيا لا راكبا وجبت عليه الجمعة إن كانت له دابة أو لم تجحف به الأجرة وإلا فلا. انتهى.
وقال النووي في المجموع: قال أصحابنا: ومن الأعذار في ترك الجماعة أن يكون به مرض يشق معه القصد, وإن كان يمكن لأن عليه ضررا في ذلك وحرجا، وقد قال الله تعالى: وما جعل عليكم في الدين من حرج ـ فإن كان مرض يسير لا يشق معه القصد كوجع ضرس, وصداع يسير, وحمى خفيفة, فليس بعذر، وضبطوه: بأن تلحقه مشقة كمشقة المشي في المطر. انتهى.
وعليه، فإن كان الشخص المذكور يستطيع الذهاب إلى الجمعة والجماعة دون مشقة وليس في مرضه ما يؤذي أهل المسجد فهو غير معذور في التخلف، وإن لم يستطع الذهاب إلا بمشقة، أو كان به ما يؤذي الناس فهو معذور حتى يشفى ـ بإذن الله تعالى ـ وفي حال التخلف عن الجمعة يصلي الظهر بدلها ولا يصلي جمعة، وليحاول قدر المستطاع تحصيل فضل الجماعة في بيته إن أمكن ذلك، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين رقم: 98143، ورقم: 138968.
والله أعلم.