الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فمن المعلوم أنه لا تجوز صلاة الجنازة على الكافر، لقول الله تعالى: وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ { التوبة: 84}.
وإن اختلطت جثث المسلمين بجثث الكفار ولم يمكن تمييزهم بختان ونحوه، فإن للعلماء فيهم أقوالا, فقال بعضهم إن علم أن عدد المسلمين أكثر صلي عليهم وينوي بصلاته المسلمين, وإن كان عدد الكفار أكثر لم يصل عليهم, وهذا قال به الحنفية وذهب الشافعية والمالكية والحنابلة إلى أنه يصلى عليهم جميعا وينوي بصلاته الصلاة على المسلمين فقط ويخصهم بالدعاء فيقول مثلا: اللهم من كان منهم مسلما فاغفر له وارحمه إلخ، ولا ينوي الصلاة على الكفار, قال ابن قدامة في المغني: فإن اختلط موتى المسلمين بموتى المشركين فلم يميزوا صلي على جميعهم ينوي المسلمين، قال أحمد: ويجعلهم بينه وبين القبلة ثم يصلي عليهم، وهذا قول مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة: إن كان المسلمون أكثر صلى عليهم وإلا فلا، لأن الاعتبار بالأكثر بدليل أن دار المسلمين الظاهر فيها الإسلام، لكثرة المسلمين بها وعكسها دار الحرب، لكثرة من بها من الكفار. اهـ.
وأما كيفية الصلاة عليهم: فقد جاء في كشاف القناع من كتب الحنابلة: وصفة الصلاة عليهم أن يصفهم بين يديه ويصلي عليهم دفعة واحدة ينوي بالصلاة المسلمين منهم. اهـ.
وجاء في تحفة المحتاج من كتب الشافعية: فَإِنْ شَاءَ صَلَّى عَلَى الْجَمِيعِ صَلَاةً وَاحِدَةً بِقَصْدِ الْمُسْلِمِ، وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَالْمَنْصُوصُ وَلَيْسَ هُنَا صَلَاةٌ عَلَى كَافِرٍ حَقِيقَةً، وَالنِّيَّةُ جَازِمَةٌ وَيَقُولُ هُنَا فِي الْأُولَى اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِ مِنْهُمْ أَوْ عَلَى وَاحِدٍ فَوَاحِدٍ نَاوِيًا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا. اهـ مختصرا.
والله أعلم.