الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي من عليك بالهداية ووفقك لسبيل الإنابة إنه هو التواب الرحيم، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53}.
وقال تعالى في الحديث القدسي: يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك. رواه الترمذي.
وأما ما سألت عنه من كيفية رد الحقوق إلى أصحابها فالواجب هو إيصالها إليهم وتمكنهم من أخذها على أنها حق لهم ولو بطرق غير مباشرة لا إعلامهم بأنك قد سرقتها ونحو ذلك، كما بينا في الفتوى رقم: 135759.
وبالتالي، فعليك أن ترد إلى صاحب الخشب قيمة خشبه إن كنت أتلفته أوقيمة المنفعة التي انتفعت بها إن كنت لم تتلفه وإنما استعملته فقط ولو لم تعلم مقدارها فيمكنك الاحتياط لذلك.
وأما الرجال الذين خدعتهم بتغيير صوتك بصوت أمرأة فأعطوك كروتا للشحن: فلا يلزمك رد الكروت إليهم، لأنهم بذلوا ذلك ـ فيما يبدو ـ مقابل منفعة محرمة وحسبك أن تستغفر الله تعالى من ذلك الفعل المحرم وأكل ذلك السحت والتصدق بمقدار تلك الكروت، قال ابن القيم ـ رحمه الله: إن كان المقبوض برضا الدافع وقد استوفى عوضه المحرم فهذا لا يجب رد العوض على الدافع، لأنه أخرجه باختياره واستوفى عوضه المحرم فلا يجوز أن يجمع له بين العوض والمعوض عنه، فإن في ذلك إعانة له على الإثم والعدوان وتيسيرا لأصحاب المعاصي، ولكن خبثه لخبث مكسبه لا لظلم من أخذه منه، فطريق التخلص منه وتمام التوبة بالصدقة.
والله أعلم.