الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة تعرف الطهر من الحيض بإحدى علامتين الجفوف أو القصة البيضاء، فالجفوف المعتبر طهراً من الحيض يتحقق بإدخال المرأة خرقة في قبلها فتخرج نقية من الدم، فحينئذ يترتب عليها من الأحكام ما يترتب على المرأة التي طهرت من الحيض، فتغتسل حينئذ ولا تنتظر ساعة ولا غيرها، فيجب عليك إذا رأيت الطهر أن تبادري بالاغتسال، وأجاز بعض العلماء أن تنتظري اليوم ونصف اليوم إذا رأيت الطهر بالجفوف خلال أيام العادة، لأن عادة الدم أنه يجري وينقطع، والمفتى به عندنا هو الأول، فعليك إذا أن تغتسلي بمجرد رؤية الطهر، فإذا رأيت بعد ذلك صفرة أو كدرة فإنها لا تعد حيضا إلا إذا كانت في مدة العادة، فإن رأيت صفرة أو كدرة وكانت مدة العادة قد انتهت فلا يلزمك إعادة الغسل، وهذا كله مبين في الفتوى رقم: 140344، وما أحيل عليه فيها.
وأما إذا رأيت دما بعد رؤية الطهر والاغتسال فقد عدت حائضا ما دام هذا الدم العائد في زمن إمكان الحيض، فيلزمك أن تعيدي الغسل بعد انقطاعه ولو تكرر ذلك، ولو كان ما رأيته من الدم قليلا ما دام في زمن يصلح أن يكون فيه حيضا، وانظري الفتوى رقم: 140194.
وبه تعلمين حكم ما فعلته، وأن اغتسالك عند رؤية الجفوف كان هو الواجب عليك وإعادتك الاغتسال بعد رؤية الكدرة هو الواجب كذلك إن كانت هذه الكدرة في زمن العادة وإلا فإنه لم يكن واجبا، ثم إن كانت القطرة التي رأيتها أخيرا قطرة دم فقد وجب عليك الغسل فلم يكن يجوز لك تركه، وإن كانت من صفرة أو كدرة فحكمها ما مر من أنها إن كانت في غير مدة العادة لم يلزمك الغسل وإلا لزمك.
وأما الفرق بين الحيض والاستحاضة: فإنه إذا تجاوز الدم الذي تراه المرأة مدة خمسة عشر يوما تبينا أنها مستحاضة، وقبل ذلك فجميع ما تراه من الدم حيض مهما كانت صفته، فإذا تبين أنها مستحاضة فإن كان لها عادة سابقة رجعت إليها بغض النظر عن صفة الدم في قول كثير من العلماء، فإن لم تكن لها عادة سابقة عملت بالتمييز، فتميز دم الحيض بلونه الأسود أوريحه المعروف أوغلظه والألم المصاحب لخروجه، وليست القلة أو التقطع علامة على دم الاستحاضة، وفي موقعنا جملة وفيرة من الفتاوى يمكنك الاستعانة بها على فهم هذه المسائل.
والله أعلم.