الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجب عليكم الزكاة في قيمة هذه الأرض عند جمهور العلماء، فإذا بعتم الأرض وحال الحول على قيمتها وهي بأيديكم وكان نصيب الواحد منكم بالغا النصاب ولو بضمه إلى ما يملكه من نقود أخرى فيجب إخراج الزكاة في هذه الحال، وإنما قلنا بعدم وجوب الزكاة عليكم عند الجمهور، لأنهم اشترطوا في العروض أن تدخل في ملك الشخص باختياره بخلاف الإرث فإنه يدخل في ملكه قهرا عليه، ومنهم من شرط أن تدخل في ملكه بعقد معاوضة كالبيع، والشرط الثاني أن ينوي عند تملكها أنها للتجارة، فإذا انتفى أحد الشرطين لم تجب الزكاة، قال الموفق ـ رحمه الله: وَإِنْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ، وَقَصَدَ أَنَّهُ لِلتِّجَارَةِ، لَمْ يَصِرْ لِلتِّجَارَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْقُنْيَةُ، وَالتِّجَارَةُ عَارِضٌ، فَلَمْ يَصِرْ إلَيْهَا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، كَمَا لَوْ نَوَى الْحَاضِرُ السَّفَرَ، لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ السَّفَرِ بِدُونِ الْفِعْلِ. انتهى.
والقول الثاني أن العرض يكون للتجارة بمجرد النية، وهو قول الكرابيسي من الشافعية ورواية عن أحمد اختارها الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله، قال في المغني: وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّ الْعَرْضَ يَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، لِقَوْلِ سَمُرَةَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِمَّا نُعِدُّ لِلْبَيْعِ ـ فَعَلَى هَذَا لَا يُعْتَبَرُ أَنْ يَمْلِكَهُ بِفِعْلِهِ، وَلَا أَنْ يَكُونَ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٌ، بَلْ مَتَى نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ صَارَ لِلتِّجَارَةِ. انتهى.
فإن أخذتم بهذا القول وجب عليكم أن تخرجوا زكاة هذه الأرض عن السنين التي مضت بعد وجود نية التجارة فيها، وأما مع عدم وجود النية أو وجود نية غير جازمة فلا تجب الزكاة بحال، ولتنظر الفتوى رقم: 141845.
والله أعلم.