الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة بالثوب الذي أصابه مني مختلف في حكمها، وهذا الخلاف ناشيء عن اختلاف العلماء في حكم المني، ولهم فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه نجس كالبول فيجب غسله رطباً ويابساً من الثوب ومن البدن. وهو قول مالك والأوزاعي والثوري وطائفة.
ثانيها: أنه نجس يجزئ فرك يابسه. وهذا قول أبي حنيفة وإسحاق ورواية عن أحمد .
ثالثها: أنه طاهر مستقذر كالمخاط والبصاق. وهذا قول الشافعي والمشهور عند أحمد. ونصر هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية بأدلة كثيرة وهوالراجح، فقد روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: لقد رأيتني أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصلي فيه.
وروى أحمد بإسناد صحيح عنها أيضاً أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلت المني من ثوبه بعرق الإذخر ثم يصلي فيه، ويحته من ثوبه يابساً ثم يصلي فيه.
وأما ما جاء في الصحيحين عنها من أنها قالت: كنت أغسله من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهذا للاستحباب استقذاراً لا تنجيساً كالمخاط والنخامة والبصاق. فقد روى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنما هو بمنزلة المخاط والبزاق، وإنما يكفيك أن تمسحه بخرقه أو بإذخرة.
ورواه الترمذي معلقاً عن ابن عباس أنه قال: المني بمنزلة المخاط، فأمطه عنك ولو بإذخرة.
وعليه، فيجوز الصلاة في الثوب الذي أصابه مني لطهارته؛ وإن كان يستحب له فركه أو غسله خروجاً من الخلاف.
والله أعلم.