الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا بعد الاطلاع على عقد شركة هبتكو وإمعان النظر في البنود التي يتألف منها،وجدنا أن أغلب تلك البنود يلفه كثير من الغموض، وعدم الحسم في أمور لا ينبغي أن تكون غير محسومة على وجه صريح يمنع حدوث النزاع في المستقبل وهذا الغموض يجعل المرء في حيرة من حقيقة ما يجري على أرض الواقع وما يتم من معاملات وراء الستار ومما يزيد في حجم الحيرة ويبعث على عدم الارتياح أن هذه العقود غير متطابقة فتجد بعضها خالياً من بعض البنود المؤثرة الموجودة في البعض الآخر.
ومع كل هذا الغموض فإن من البنود ما هو مشتمل على ما نرى أنه كاف في المنع من الدخول في أي معاملة مع هذه الشركة، ومن هذه البنود
أولاً :البند الخامس: الذي بموجبه يدفع للطرف الثاني من الأرباح - على فرض وجودها - جزء لا يزيد عن نسبة محددة من رأس المال، وهذا البند لا يخفى ما فيه من الغرر وذلك لأنه قد يؤدي إلى إهدار حق الطرف الأول وتضييع ماله -إن كان له مال في غير مقابل- وهذا في حالة ما إذا لم يحصل من الربح إلا النسبة التي يستحقها الطرف الثاني بموجب الاتفاق: مثال ذلك ما لو اتفقا على أن للطرف الثاني جزءا من الأرباح يساوي أربعين في المئة من رأس المال، وكان رأس المال أربعة آلاف، فلم تربح الشركة خلال الأشهر الأربعة إلا ألفاً وستمائة، فبمقتضى هذا العقد يأخذ الطرف الثاني جميع الربح ويذهب عمل الطرف الأول هدراً وهذا أمر يتناقض مع المقصود من عقد الشركة ويتناقض أيضاً مع الأغراض والمصالح التي من أجلها شرعت المعاملات، وهو من الغرر الذي من أجله منع أكثر المعاملات المحرمة.
ثانياً: البند الثامن: وما يتضمنه من التحجير على الطرف الثاني وتغريمه نسبة مئوية إن لم يشعرالطرف الآخر، في فترة محددة، فإنه يتنافى مع ما عليه الجمهور من أن عقد الشركة عقد غير لازم، وأنه متى ما أراد أحد الطرفين فسخه فله ذلك، وموافقة الطرف الثاني على هذا البند ورضاه بما يتضمنه لا يسوغان للطرف الآخر أخذ نسبة من مال الغير نظير فعل ذلك الغير أمرا مباحاً له، وهو عدم إشعاره برغبته في حل الشركة قبل الفترة المحددة، فغالب عمليات القمار والميسر والبيوعات الربوية يقع عن تراض من الطرفين، لكن الشارع لم ينظر إلى ذلك ولم يجعل الرضا وحده مبيحا للمعاملات المحرمة بل لا بد مع الرضا من أن تعرض المعاملات على الموازين الشرعية فما كان منها صالحاً أمضي وما كان منها غير صالح رد.
ثالثاً: البند التاسع: الذي بموجبه يدفع للطرف الثاني شيك يثبت له حقه بالشرط المذكور في البند ومن المعلوم أن كلا من يد الشريك ويد العامل في المضاربة يد أمانة وليست يد ضمان، ولا يصح شرعاً تضمين واحد منهما بل إن شرط الضمان على أي منهما شرط فاسد ملغى إن لم يكن مفسدا للعقد من أصله هذا إذا لم يفرط أو يقصر في حفظ مال الشريك أو المضارب، أما إذا قصر فإنه يضمن شرعاً نظرا لتفريطه، واشتراط الضمان عليه في هذه الحالة هو من قبيل تحصيل الحاصل، كما ننبه السائل وغيره إلى أنه عند التنازع في العقود أو الحكم بصحتها أو بطلانها يرجع في ذلك كله إلى أحكام الشريعة الإسلامية لا إلى غيرها.
والخلاصة أن ما أطلعنا عليه من عقود هذه الشركة لم يسلم من مآخذ شرعية مؤثرة في صحة العقد ينضاف إلى هذا أن المسلم ينبغي له أن يكون يقظاً حذرا من كل معاملة قد تجر إليه درهما محرما أو درهم شبهة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم
"الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استيرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه ..... متفق عليه من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، وقال أيضاً "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه وعن علمه فيما فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه رواه الترمذي من حديث أبي برزة رضي الله عنه. وإذا كان الحذر من المال الحرام مطلوباً في كل زمانٍ فإنه في زماننا هذا أشد طلباً فإنه زمان انتشرت فيه المعاملات المحرمة فكأنه الزمان الذي عناه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله "ليأتين على الناس زمان لا يبقى أحد إلا أكل الربا فإن لم يأكله أصابه من غباره رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه ولخطورة الربا راجع الفتوى رقم:
1120
والله أعلم.