الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث الذي فيه: الولد للفراش وللعاهر الحجر ـ حديث صحيح متفق عليه، والراجح أن المقصود بقوله: وللعاهر الحجر ـ أن الزاني لا حق له في الولد، وليس المقصود به رجم الزاني، قال النووي: ومعنى له الحجر أي له الخيبة ولا حق له في الولد... وقيل المراد بالحجر هنا أنه يرجم بالحجارة، وهذا ضعيف، لأنه ليس كل زان يرجم، وإنما يرجم المحصن خاصة. اهـ
وكون الولد للفراش هذا هو الأصل حفظا للأنساب من الضياع فلو أن رجلا غاب عن زوجته فولدت فالولد لاحق به مالم ينفه باللعان، قال ابن قدامة: حتى لو أن امرأة أتت بولد وزوجها غائب عنها منذ عشرين سنة لحقه ولدها.
أما ما يتعلق بأطفال الأنابيب والتلقيح الصناعي: فمن شرط جواز ذلك أن يؤمن حصول الخطأ في وضع نطفة غير نطفة الزوج أو بويضة غير بويضة الزوجة، كما نصت قرارات المجمع الفقهي بهذا الشأن، وانظر الفتوى رقم: 5995.
ولا ريب أن تعمد وضع نطفة غير الزوج في رحم المرأة جريمة منكرة، وإن كانت لا توجب حد الزنا إلا أنها في معنى الزنا، ولا ينسب الولد لصاحب النطفة، جاء في فتاوى دار الإفتاء المصرية: غير أن هناك صوراً يتحقق بها ما يتحقق بالزنا أو تقاربه إلى حد كبير منها إدخال المرأة ماء رجل أجنبي عنها في فرجها.
ويقول الشيخ محمود شلتوت: إذا كان التلقيح بماء رجل أجنبي عن المرأة فإنه يزج بالإنسان دون شك في دائرتي الحيوان والنبات، ويخرجه عن المستوى الإنساني، وهو في نظر الشريعة جريمة منكرة وإثم عظيم، يلتقي مع الزنا في إطار واحد جوهرهما واحد ونتيجتهما واحدة.
ويقول الشيخ مصطفى الزرقا: لا يمكن القول باستحقاق عقوبة حد الزنا التي لم يوجبها الشرع إلا في حالة الزنى بمعناه الحقيقي، وإنما تستوجب هذه العملية المحظورة من التلقيح الصناعي عقوبة تعزيرية بما يكفي للزجر.
والله أعلم.