الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فواضح أن كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ متعلق بالمسلم الذي يقيم في بيئة خاصة بدليل أنه قد نص في كلامه على دار الكفر ودار الحرب، فهو يعنيهما على وجه الخصوص بهذا الكلام، ويلحق بهما ما قد يحصل من تضييق على المستقيمين في بعض البلاد الإسلامية، كما سبق وأن بينا بالفتوى رقم: 3198.
وأما في الظروف العادية فألامر مختلف قطعا، وهذا بين في قول شيخ الإسلام: وسبب ذلك: أن المخالفة لهم لا تكون إلا مع ظهور الدين وعلوه كالجهاد، وإلزامهم بالجزية والصغار... وفتح هذا الباب من غير مراعاة هذه الضوابط يفتح المجال واسعا لدخول الأهواء في دين الله تعالى، فتزول معالم الدين وشعائره، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء. رواه مسلم.
ومعناه أن الإسلام في بداية دعوته كان غريباً لقلة أهله، محارباً من أهل الشرك والفساد، وأصل الغريب البعيد من الوطن وكذلك يكون في آخر الزمان فسيعود غريبا لقلة من يقوم به ويعين عليه، وإن كان أهله كثيراً، فإن من تمسك به صار غريباً محارباً، فيصير المتمسك بالإسلام كالقابض على الجمر، وفي بعض روايات هذا الحديث: قيل من هم يا رسول الله؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس. وهي في مسند أحمد.
وتخفيف اللحية والأخذ منها قد اختلف فيه الفقهاء، فمنهم من أجازه، ومنهم من كرهه، كما بينا بالفتويين رقم: 76203، ورقم: 14055.
فتخفيفها لغرض صحيح كمصلحة شرعية تقتضي ذلك محل نظر واجتهاد، وللمزيد راجع الفتوى رقم: 173715.
والله أعلم.