الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن إطلاق البصر إلى ما حرم الله من أعظم مفسدات القلب وأكبر الحوائل بينه وبين سعادته واستنارته، وبالمقابل من ذلك فإن غض البصر من أعظم أسباب استنارة القلب، ولذا ذكر الله تعالى آية النور عقب الأمر بغض البصر كما قال العلماء، فإقدامك على النظر إلى ما حرم الله مما يجب عليك أن تبادر بالتوبة منه، واستحضر اطلاع الله عليك ونظره إليك وأنه عالم بما تسره وتعلنه لا يخفى عليه شيء من أمرك، ونظره إليك أسبق من نظرك إلى ما تنظر إليه، واستعن به تعالى واجتهد في دعائه واللجأ إليه في أن يلهمك رشدك ويعيذك من شر نفسك، وإذا أعانك الله على غض بصرك سهل عليك ترك هذه العادة الخبيثة المحرمة، وعلى تقدير كونها لا تضر بالبدن فإن المسلم يتركها طاعة لله تعالى وامتثالا لأمره عالما أن المصلحة كل المصلحة هي في طاعة أمر الله تعالى، ولست بحاجة منا إلى تطمينات بقدر ما أنت بحاجة إلى زجر وردع تنكف به عن هذه المخالفات، فإن هذه الذنوب تجر إلى ما هو أكبر منها، والمداومة عليها والإصرار على فعلها يدخلها في حد الكبائر ـ والعياذ بالله ـ فتب إلى ربك وارجع إليه تعالى واستقم على شرعه ولا تحقرن ذنبا فإنه ما من ذنب إلا وله من الله طالب، وجاهد نفسك في ترك هذه المعاصي، فإن بالمجاهدة الصادقة يحصل للعبد قهر نفسه والتغلب على شهواتها، كما قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا {العنكبوت:69}.
وليست هذه الذنوب بمجردها نفاقا، ولكن يخشى عليك إذا استرسلت فيها وانهمكت في فعلها أن يهون في نفسك شأن الذنوب وتنجر إلى فعل ما هو أكبر منها، ولا شك في أن ما ذكرته عن نفسك من الحفاظ على الصلوات واتباع السنة في أمور كثيرة من الأمور الحسنة التي يرجى لك بها المثوبة عند الله تعالى، ولكن عليك أن تكمل هذا الحسن بالتوبة إلى الله تعالى والإقلاع عن هذه الذنوب، نسأل الله أن يلهمك رشدك ويعيذك من شر نفسك.
والله أعلم.