الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاتق الله وانته عما تريده من قتل نفسك عياذا بالله، فإن قتل النفس من كبائر الذنوب وموبقاتها، فَعَنْ جُنْدُبٍ الْبَجَلِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: كَانَ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ بِهِ جُرْحٌ فَجَزِعَ، فَأَخَذَ سِكِّينًا فَحَزَّ بِهَا يَدَهُ، فَمَا رَقَأَ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: بَادَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ حَرَّمْت عَلَيْهِ الْجَنَّةَ. أَخْرَجَهُ البخاري و مسلم . وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِسُمٍّ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ مُتَرَدٍّ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا. متفق عليه.
فأي عناء هذا الذي تعاني منه ويدعوك إلى التفكير في قتل نفسك؟ إنك لو فعلت انتقلت من عناء إلى أشد منه آلاف المرات، ثم إنه مهما يصيبك من مصاب وبلاء فاصبر له وتجلد تنل الأجر والمثوبة من الله تعالى ويكون لك بذلك حسن العقبى، وارجع إلى ربك بالاستغفار من ذنوبك فإن معاصي الإنسان هي سبب شقائه وعنائه وما ينزل به من المصائب كما قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى:30}. وما يدريك أنك لو أوصيت أهلك بالاستغفار لك أنهم يفعلون. وما يدريك أن الله يستجيب لهم لو فعلوا. وأما التوبة فإنها لا تكون من ذنب إلا بعد فعله، والواجب عليك الآن هو التوبة من العزم على قتل نفسك فإن عزمك على فعل هذا الذنب ذنب يستوجب التوبة، وأما لو قتلت نفسك فعلا فقد سددت على نفسك باب التوبة وانقطع فيها أملك وساءت خاتمتك وتعرض للحبوط عملك، وصرت مرتهنا بكسبك بين يدي ربك عز وجل متعرضا لوعيده وعقوبته لمبادرته بنفسك. فالأمر جد خطير أيها الأخ، فانته عن الفكر في هذا الأمر وتب إلى ربك تعالى توبة نصوحا وأقبل عليه خائفا راجيا مجتهدا في طاعته متقربا إليه بما وسعك سائلا إياه حسن الخاتمة.
والله أعلم.