الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من الدعاء بالصيغة المذكورة لتيسير تلك الحاجة. غير أن همة المؤمن ينبغي أن تكون عالية فيسأل من خيري الدنيا والآخرة كأن يدعو بما ورد في الكتاب والسنة من الأدعية الجامعة، كقوله تعالى: رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا {الفرقان:74}
فيدعو بها من يريد الزواج وصلاح الذرية، لأن تعيين امرأة ما في الدعاء للزواج بها أو العكس قد يكون غيره خيرا منه وإن بدا لصاحبه أنه محض الخير، فقد قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
وقال تعالى: وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً {الإسراء:11}
جاء في تفسير الرازي: أقول: يحتمل أن يكون المراد: أن الإنسان قد يبالغ في الدعاء طلبا لشيء يعتقد أن خيره فيه، مع أن ذلك الشيء يكون منبع شره وضرره، وهو يبالغ في طلبه لجهله بحال ذلك الشيء، وإنما يقدم على مثل هذا العمل لكونه عجولا مغترا بظواهر الأمور غير متفحص عن حقائقها وأسرارها. انتهى.
وعلى كل، فلا حرج في الدعاء المذكور بذلك المرغوب، لكن عدم التعيين أولى، ومن دعا الله بحاجته فعليه أن يرضى بقضاء ربه له في كل حال، لأن الله هو العالم بالأمور على الحقيقة، أما الإنسان فمحجوب عنه الغيب، وقد يدعو بأمر هو في ظاهره خير له ولا يدري أن وراءه عطبه وهلكته، فيصرفه عنه ربه برحمته وحكمته، وانظر الفتوى رقم: 36319.
والله أعلم.