الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الاستخارة ودعاؤها يقتضيان أن العبد يكل الخيرة في أمره إلى الله ليختار له خير الأمرين ويصرفه عن شرها، لأن العبد ضعيف ولا يعلم كنه الأمور ولا عواقبها وقد يحرص على ما يراه خيرا له وهو شر له وينفر عما يراه شرا له وهو خير له، كما قال سبحانه: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
وتكرار الاستخارة ليس له حد معين وقد ذهب الجمهور من الحنفية والمالكية إلى استحباب تكرار صلاة الاستخارة، لكون ذلك نوعاً من الإلحاح الذي يحبه الله سبحانه وتعالى، وكان النبي صلى الله عليه وسلم: إذا دعا دعا ثلاثاً، وإذا سأل سأل ثلاثاً. رواه مسلم.
ولأن صلاة الاستخارة وما يتبعها من دعاء، إنما شرعت طلباً للخيرة منه سبحانه، فإذا لم يحصل للمستخير انشراح وطمأنينة فيما استخار الله فيه، كرر ذلك حتى يحصل له الانشراح والطمأنينة، وقد صرح الشافعية بذلك ولم يحصروها بعدد، وما استخرت الله تعالى فيه سييسر لك ما فيه الخير لك من البقاء في عملك أوالانتقال إلي غيره، وقد تكون علامة الاستخارة انشراح الصدر للأمر وقد لايكون، فليباشرالمستخير أمره وليطمئن في قرارة نفسه إلى ما سيقدره له ربه، وبناء عليه فلو بقيت في عملك الذي أنت فيه فهو خير لك ولو عزمت على الانتقال إلى الثاني فهو خير لك.
والله أعلم.