الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حق الزوجة على زوجها أن يعاشرها بالمعروف بأن يبيت عندها ويعفها بالجماع، ويجب على الزوج العدل بين الزوجتين، أو استرضاء من لا يبيت معها ومصالحتها، فإن الصلح بين الزوجين على إسقاط المبيت كله أو بعضه جائز، لقول الله تعالى: فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْر {النساء:128}.
فإن تنازلت هي عن حقها في ذلك فلا مانع، ولكن الأولى بالرجل ما دام زوجا لها أن يجاهد نفسه في معاشرتها ليعفها، ولا ينبغي أن تكون المشاكل السابقة سببا في نفوره من معاشرتها وإعفافها، فإن الحب العاطفي والألفة بين الزوجين قد يحتاج أحياناً إلى الصبر وإلى التغافل عن بعض الأمور والنظر إلى الجوانب الطيبة في أخلاق الطرف الآخر، قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِي مِنْهَا آخَرَ. رواه مسلم.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: ينبغي أن لا يبغضها، لأنه إن وجد فيها خلقا يكره وجد فيها خلقا مرضيا بأن تكون شرسة الخلق، لكنها دينة أو جميلة أو عفيفة أو رفيقة به أو نحو ذلك. انتهى.
وأما انفصال الزوجة عن زوجها في السكن بموافقة من الزوج من غير تطليق لها: فلا يأخذ حكم الطلاق ولا يسقط شيئا من حقوق الزوجة الواجبة لها إلا أنه إذا كان بسبب نشوز الزوجة سقط حقها في المبيت والنفقة، كما أن لها أن تسقط حقها في المبيت برضاها، ويسلم هو من الإثم ولها أن تطالب بحقها متى شاءت، كما أنه أيضا على زوجها أن ينفق عليها وعلى أولاده بالمعروف، فعن عمرو بن الأحوص ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ... ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
وعلى كل حال، فهذه المرأة لا تزال زوجة لذلك الرجل ما دام لم يصدر منه لها طلاق، ولها حقوقها كزوجة وعليها لزوجها حقوقه كزوج.
والله أعلم.