الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان استعمال الكحول في إعداد هذه الحلوى أمرا مشكوكا فيه وليس متيقنا فيجوز تناول هذه الحلوى ولا إشكال في هذا لأن الأصل عدم دخول الكحول المحكوم بنجاسته فيها، وأما إذا حصل اليقين الجازم باستعمال الكحول في إعدادها فما كان يسكر من هذه الحلوى لو أكل بكميات كثيرة فلا شك في تحريمه وأنه يسمى خمرا لأن ما أسكر كثيره فقليله حرام. وأما ما كان لا يسكر تناول القدر الكثير منه فقد رجح بعض أهل العلم أنه لا حرج في تناوله وإن اشتمل على شيء يسير من الكحول ما دام هذا الكحول مستهلكا بحيث لا يؤثر في الإسكار وممن رجح ذلك العلامة ابن عثيمين رحمه الله، يقول الشيخ رحمه الله: وقوله: «كل شراب» هذا على سبيل الأغلبية، أن يكون الخمر مشروباً، وإلا فقد يكون مأكولاً، فيعجن، ويؤكل، وقد يكون معجوناً من جهة أخرى بحيث يبل به العجين، ويؤكل ـ أي: يُعْجَن العجين بماء خمر ـ فيأكله الإنسان لقيمات، فيحصل السكر، ولهذا الأحسن أن نقول: «كل ما أسكر كثيرُهُ» كما جاء في الحديث، سواء كان شراباً، أو معجوناً، أو مطحوناً، فكل ما أسكر فإنه حرام. وإذا أسكر كثيره فظاهر أنه حرام؛ وأما القليل فحرام بدليل الحديث؛ ولأنه ذريعة إلى شُرب الكثير المسكر، فلهذا منع الشرع منه. ويجب أن نعرف الفرق بين أن نقول: «ما أسكر كثيره فقليله حرام» ، وبين أن نقول: «ما كان مسكراً وخلط بغيره فهو حرام»، لأن ما أسكر كثيره بمعنى هذا الشراب بعينه، إن أكثرت منه سكرت، وإن أقللت لم تسكر، فيكون القليل حراماً؛ لأنه ذريعة. وأما خلط الخمر بغيره على وجه لا يظهر فيه أثره، فإن هذا لا يؤثر، فهو كما لو وقعت نجاسة بماء فلم تغيره. ففي هذه الحال لا يكون الماء نجساً؛ فإذا عَجَن عجيناً بخمر فإنه يكون حراماً، وهذا بشرط أن يسكر، ومعلوم أنك إذا عجنت العجين بخمر فإنه سوف يؤثر عليه بلا شك، أما إذا لم يؤثر، أي: يكون خلطاً قليلاً يتضاءل ويذهب أثره فلا عبرة به. انتهى. وفي المسألة خلاف لكننا نرى أن ما اختاره الشيخ أرفق بكم ولا حرج عليكم في أن تأخذوا بهذا القول.
والله أعلم.