الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد :
فلا شك في أن الأجل مكتوب عند الله تعالى كما قال عز وجل { مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } سورة الحديد : 22 , 23 , قال الشيخ السعدي في تفسير هذه الآية :
وهذا شامل لعموم المصائب التي تصيب الخلق، من خير وشر، فكلها قد كتبت في اللوح المحفوظ، صغيرها وكبيرها، وهذا أمر عظيم لا تحيط به العقول، بل تذهل عنده أفئدة أولي الألباب، ولكنه على الله يسير، وأخبر الله عباده بذلك لأجل أن تتقرر هذه القاعدة عندهم، ويبنوا عليها ما أصابهم من الخير والشر، فلا ييأسوا ويحزنوا على ما فاتهم، مما طمحت له أنفسهم وتشوفوا إليه، لعلمهم أن ذلك مكتوب في اللوح المحفوظ، لا بد من نفوذه ووقوعه، فلا سبيل إلى دفعه .. اهــ .
وكما قال تعالى { ... وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } فاطر : 11 ، فكل شيء بقضاء الله وقدره ,،ولا يمكن للإنسان أن يغير ما قدره الله عليه ، وقد قال تعالى للمنافقين الذين قالوا في غزوة أحد { لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا } أي لو كان أمر الحرب لنا لم نخرج للقتال ولم يقتل منا أحد فقال الله ردا عليهم {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ } أي : لو كنتم قاعدين في بيوتكم لم يكن بدّ من خروج من كتب عليه القتل إلى هذه المصارع التي صرعوا فيها ، فإن قضاء الله لا يردّ ، وبهذا تعلم السائلة أنها لو لم تلح على خطيبها في المجيء لجاء من تلقاء نفسه فأمر قتله مقدر ولا محالة من وقوعه فلتهون على نفسها .
ولا نقول إن قتله وقع بسبب عدم رغبتك فيه أو ترددك في فسخ الخطوبة ولكنه اختبار من الله تعالى كما قال { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } الأنبياء : 35 ، وانظري للفائدة الفتوى رقم: 65828 ، والفتوى رقم: 1151 ، والفتوى رقم: 169031.
والله أعلم.