الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعادة عند الحنابلة تثبت بالتكرر ثلاث مرات، ولا يشترط اتصالها، بل ما تكرر ثلاثا فهو عادة، قال في كشاف القناع: فإن كان الدم على أعداد مختلفة، فما تكرر منه ثلاثا صار عادة لها، لما تقدم، دون ما لم يتكرر مرتبا كان، كخمسة في أول شهر وستة في شهر ثان، وسبعة في شهر ثالث، فتجلس الخمسة لتكرارها ثلاثا، كما لو لم يختلف أو غير مرتب عكسه أي: عكس المثال المذكور كأن ترى في الشهر الأول خمسة وفي الشهر الثاني أربعة وفي الشهر الثالث ستة فتجلس الأربعة لتكررها ثم كلما تكرر شيء جلسته. انتهى.
ثم إن الراجح عندنا أنها تجلس ما رأته من دم في زمن الإمكان فتعده حيضا، وانظري الفتوى رقم: 145491.
وقال في كشاف القناع أيضا: ولا تكون المرأة معتادة حتى تعرف شهرها الذي تحيض فيه وتطهر فيه وتعرف وقت حيضها وطهرها منه بأن تعرف أنها تحيض خمسة مثلا من ابتدائه وتطهر في باقيه ويتكرر حيضها ثلاثة أشهر، لأن العادة لا تثبت بدونها. انتهى.
فإذا علمت هذا، فإن كانت لك أيام معلومة ترين فيها الدم فهذه هي أيام عادتك، فإذا انقضت هذه الأيام ورأيت الطهر ثم رأيت صفرة أو كدرة فلا تلتفتي إليها، وسواء كنت رأيت الدم في أول اليوم أو وسطه أو آخره فمتى انقضت الأيام التي تعلمينها عادة لك ورأيت الطهر بعدها فلا تلتفتي إلى ما ترينه بعد ذلك من صفرة أو كدرة، وأما إذا انقطع الدم في أثناء تلك الأيام فإنك تغتسلين، فإن عاد الدم فإنك تعودين حائضا وكذا إذا كان العائد صفرة أو كدرة فإن لها حكم الحيض عند الحنابلة ما دامت في مدة العادة، وإذا رأيت صفرة أو كدرة متصلة بالدم فهي حيض على الراجح ولو بعد انقضاء مدة العادة، وتفصيل ذلك في الفتوى رقم: 134502.
وإذا رأيت الطهر بإحدى علامتيه ـ الجفوف أو القصة البيضاء ـ لم يلزمك التتبع للتأكد من عدم خروج شيء، لأن الأصل عدم خروج شيء، لكن إذا تحققت من خروج دم أو صفرة أو كدرة فالحكم ما مر، والعبرة ببروز الدم أو الصفرة إلى الفرج الظاهر الذي يبدو عند قعود المرأة لحاجتها فلا يحتاج الأمر إلى تتبع وتفتيش، وانظري الفتوى رقم: 158777.
والله أعلم.