الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فنقول ابتداء: إن العلماء تعددت أقوالهم في الكافر إذا صلى هل يحكم بإسلامه بمجرد الصلاة أم لا؟ قال الوزير ابن هبيرة في كتابه اختلاف الأئمة العلماء: واختلفوا فيما إذا صلى الكافر هل يحكم بإسلامه؟ فقال أبو حنيفة: إذا صلى في جماعة أو منفردا في المسجد حكم بإسلامه, وقال مالك والشافعي: لا يحكم بإسلامه؛ إلا أن الشافعي استثنى دار الحرب فقال: إن صلى فيها حكم بإسلامه, وقال مالك: إن صلى في السفر بحيث يخاف على نفسه لم يصح إسلامه, وإن كانت صلاته حال طمأنينته حكم بإسلامه, وقال أحمد: إذا صلى حكم بإسلامه سواء صلى في جماعة أو منفردا، في المسجد أو غيره، في دار الإسلام أو غيرها. اهــ.
وقد ذكرنا شيئا من أقوالهم في الفتوى رقم: 121339.
وعلى القول بالحكم بإسلامه فمعنى كونه مسلما حكما لا حقيقة أنه مسلم في الظاهر بحيث يعامل معاملة المسلم ما لم يظهر منه خلاف ذلك فيرث ويورث ويزوج ويتزوج من المسلمة, والحكم عليه بالإسلام في الظاهر لا يلزم منه أنه مؤمن في الباطن حقيقة, قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله: الْإِيمَانَ الظَّاهِرَ الَّذِي تَجْرِي عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ فِي الدُّنْيَا لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِيمَانَ فِي الْبَاطِنِ الَّذِي يَكُونُ صَاحِبُهُ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فِي الْآخِرَةِ. اهـــ.
وعلى هذا، فمعنى لا حقيقة أي لا يلزم منه أنه مسلم في حقيقة الباطن فقد يكون مسلما في الباطن وقد يكون كافرا, وفائدة الحكم عليه بالإسلام في الظاهر أنه يطالب بلوازم الإسلام، ولو كفر بعد ذلك لصار مرتدا وعومل معاملة المرتد ولا يعامل معاملة الكافر الأصلي, وقال ابن عثيمين: إذا حكمنا بإسلامه طالبناه بلوازم الإسلام، فيَرثُ أقاربَه المسلمين ويرثونَه، وإن قال: فعلتُه استهزاءً ـ فنعتبره مرتدًّا. اهــ.
والحكم بإسلامه على القول به لا يمنع من الاحتياط في تزويجه فينبغي أن لا يُسارع في تزويجه حتى تطمئن النفس بصدق إسلامه.
والله أعلم.