الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن بينا أن القاتل لا يرث مطلقا في قول جمهور أهل العلم -سواء كان قتله خطئا أم عمدا-، وذهب المالكية ومن وافقهم إلى أن القاتل خطأ لا يرث من الدية، ويرث مما سواها من المال.
جاء في الموسوعة الفقهية: ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إلَى أَنَّ الْقَتْل الْخَطَأَ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الْحِرْمَانِ مِنَ الْمِيرَاثِ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْقَاتِل لاَ يَرِثُ ـ وَلأِنَّ الْقَتْل قَطَعَ الْمُوَالاَةَ وَهِيَ سَبَبُ الإْرْثِ، وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إلَى أَنَّ مَنْ قَتَل مُوَرِّثَهُ خَطَأً فَإِنَّهُ يَرِثُ مِنَ الْمَال وَلاَ يَرِثُ مِنَ الدِّيَةِ، وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إلَى أَنَّ الْقَتْل الْمَضْمُونَ قِصَاصٍ أَوْ دِيَةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ لاَ إرْثَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَضْمُونٍ، كَمَنْ قَصَدَ مُوَلِّيَهُ مِمَّا لَهُ فِعْلُهُ مِنْ سَقْيِ دَوَاءٍ أَوْ رَبْطِ جِرَاحَةٍ فَمَاتَ فَيَرِثُهُ، لأِنَّهُ تَرَتَّبَ عَنْ فِعْلٍ مَأْذُونٍ فِيهِ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُوَفَّقُ، قَال الْبُهُوتِيُّ: وَلَعَلَّهُ أَصْوَبُ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْقَوَاعِدِ. اهــ.
وما ذكر من المنع إنما هو في إرث المقتول نفسه، وليس هو في الإرث من وارث المقتول.
وبالتالي؛ فالأخ في المثال الذي ذكره السائل يرث أخاه ولو كانت تركته في الأصل من تركة أبيهما؛ طالما أنه لم يكن به مانع من موانع الإرث؛ كالرق، واختلاف الدين.
والله أعلم.